القلب لماذا ؟

القلب لماذا يصاب بالفشل أحيانا


إن متاعب القلب أو كل نظام الدورة الدموية تنتمي إلى أوسع المشاكل الصحية انتشارا في العالم، وأكثرها تسبيبا للوفاة في سائر بلدان المعمورة. لذلك يتوقف الكثير والكثير على وضع القلب، وانطلاقا من هذا الوضع تتحدد الحالة الصحية للجسم عموما. وتثبت الاحصائيات والبحوث الطبية الحديثة على السواء ان الانسان الذي لا يعاني مشاكل في القلب والدورة الدموية يكون مرشحا للحياة عمرا أطول.
لقد كانت امراض القلب والشرايين وستظل في المستقبل على الارجح من ابرز العوامل الصحية الحاسمة في حياة الانسان. والقلب هو آلة لا يعوزها الكمال. ولكنها كأي آلة أخرى، تستهلك بمرور الزمن ويضعف اداؤها، شأنها في ذلك شأن الشرايين والاوردة (الاوعية الدموية) التي تصاب ويضعف اداؤها، شأنها في ذلك شأن الشرايين والاوردة (الاوعية الدموية) التي تصاب بالضعف والوهن مع مرور الوقت. ولكن الوفاة في سن مبكرة نتيجة ضعف القلب أو الشرايين هو امر مؤسف ويمكن تجنبه باعتماد عدد من القواعد الصحية الاساسية. ويجمع الاطباء على ان القاعدة الرئيسية والحاسمة بين هذه القواعد تتمثل في اتباع نمط حياة صحي - اي تبني نمط تغذية صحي مناسب، والدأب على الحركة المفيدة المصحوبة بفترات كافية من الراحة البدنية والنفسية، وتجنب التدخين وتعاطي المخدرات'.
النوبة القلبية تؤلم... الجلطة الدماغية لا يرافقها أي آلام
الفئة الأكثر ترشحا للاصابة بمتاعب القلب والشرايين هي فئة الرجال. فالرجل بعد بلوغ الخمسين من العمر يكون معرضا لخطر الاصابة بالنوبة القلبية بنسبة 50%، في حين لا تزيد نسبة احتمالات الاصابة بالخطر نفسه لدى المرأة على 30%. ذلك لان جسم المرأة يفرز هرمونات تناسلية انثوية تساعد كثيرا الدورة الدموية والقلب في التغلب على المشاكل الصحية.
ما الاعراض المميزة للنوبة القلبية؟ ضغط مجهول المصدر في القفص الصدري، تعقبه حالة ضيق شديد وآلام محرقة في الصدر. ولا ينبغي بالضرورة اقتصار الآلام على القفص الصدري، إذ يمكن ان تصيب الآلام الظهر ايضا، او الكتف الايسر، او كل الذراع الايسر، او الجهة اليسرى من الفك.
في المقابل فإن الجلطة الدماغية لا تؤلم المصاب به. وهي في الحقيقة خطر له ارتباط بالنوبة القلبية، وان لم يكن هذا الارتباط مباشرا. فالقاسم المشترك بين الجلطة الدماغية والنوبة القلبية هو مشاكل الشرايين والاوردة وعموم الدورة الدموية. في حالة الاصابة بالجلطة الدماغية تنفجر شرايين المخ ويتدفق منها الدم إلى هذا العضو البعيد الاهمية للجسم.
والجلطة الدماغية من الامراض الواسعة الانتشار في كثير من دول العالم. بعضها جديد تماما، والبعض الآخر متكرر نتيجة عودة الاصابة الى من سبق وان اصيبوا بهذه المشكلة الخطيرة. ووراء ارتفاع عدد الاصابات بالجلطة الدماغية نجد الاهمال في المقام الاول. إذ كثيرا ما يحط المرضى من شأن اعراض الجلطة الدماغية مما يحول دون اكتشافها المبكر وهو امر بعيد الاهمية لعلاج الحالة او على الأقل السيطرة عليها.
ما اعراض الجلطة الدماغية؟ انها في المقام الاول ضعف او حتى شلل النصف الايسر او الايمن من الجسم المصاب، وضعف الحس في احد نصفي الجسم، وفي الكثير من الاحوال ايضا التلعثم وصعوبة الحديث، وعيوب البصر وبالاخص رؤية الاشياء بصورة مزدوجة.
واذ لا يرد اي نوع من الالام ضمن تعديد الاعراض المميزة للجلطة الدماغية فان الاطباء يحذرون على وجه الخصوص من هذه الاصابة 'الخبيثة' التي كثيرا ما تداهم المرء من دون ان يكون لديه ادنى شك في أن الامر يتعلق بمشكلة صحية بمثل هذا الحد من الخطورة. ويقول الاطباء: 'حذار من الجلطة الدماغية لانها، على عكس النوبة القلبية، لا تؤلم المصاب، مما يجعله اكثر ترددا في اللجوء الى الطبيب'.
وكما هي الحال بالنسبة إلى النوبة القلبية فان الاسباب الاساسية وراء الجلطة الدماغية هي الترسبات الضارة في الشرايين نتيجة نمط الحياة غير الصحي كالتدخين والخمور، والتغذية غير المناسبة وقلة الحركة. وتكون محصلة تضافر هذه العوامل الضارة اما انسداد الشرايين او انفجارها.
عليك بالمشي فهو شديد الفائدة
ان تحسين وضع الشرايين وعموم الدورة الدموية لا يستدعي جهدا خارقا للعادة، فشيء من الجهد الاعتيادي يكفي تماما لتجنيب الشرايين والدورة الدموية مغبة المتاعب الصحية القاتلة. على سبيل المثال تثبت الدراسات الطبية الحديثة، المدعومة بالارقام والاحصائيات الميدانية، ان نصف ساعة يوميا من السير على الاقدام يكفي لتحسين اوضاع الشرايين. ولكن المقصود ليس المشي البطيء الكسول، بل السير الحثيث بخطى سريعة وهمة ونشاط، اي بسرعة 4 - 5 كيلومترات في الساعة. ذلك يعني على سبيل المثال ان التنزه في المدينة بين المتاجر لا يمكن ان يعود بفائدة تذكر على الدورة الدموية والشرايين. فالمطلوب هو السير السريع نسبيا وذلك يكون في العادة على البحر او في الممرات المخصصة للمشي، وهي اليوم موجودة في معظم المناطق.
إذا لم يكن المرء معتادا على السير الطويل فان عشر دقائق في البداية تكفي، على ان يزيد المرء كل يوم من عدد الدقائق بصورة تدريجية. ويمكنه بالطبع توسيع خطواته وزيادة المسافة من يوم إلى آخر. وإذا كان الإنسان كسولا فوق العادة وعاجزا عن تعويد نفسه على السير النشط، يكفيه كخطوة اولى الاستغناء بصورة نهائية عن خدمات المصعد.
هذا ومن الجدير بالذكر أن التوعية الصحية في المجتمعات البشرية المعاصرة التي يعيش فيها الإنسان تحت ضغط نفسي وبدني شبه دائم، ويعتاد على نظم تغذية غير مناسبة، ويقبل على التدخين او حتى تعاطي المخدرات، وتزداد فيها حالات الاصابة بالنوبات القلبية والذبحات الصدرية والجلطات الدماغية وتصلب الشرايين والسكر وسواها مما يسمى بامراض الحضارة الحديثة، هذه التوعية الصحية تتبوأ اليوم موقعا رائدا ومتميزا في البلدان المتطورة، وبرامجها الصحية وسياساتها الحكومية وتوجهات منظماتها الصحية ومبادراتها المدنية.