إن التدين الحقيقي يُعني : استقامة السلوك ،
وذلك يكون من خلال علاقة الإنسان بنفسه ،
وتزكيتها بكل خلق كريم ، قال تعالى( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها . وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) .
وعلاقة الإنسان بالله ، وهذه العلاقة تُعد سرا بين المرء وربه ،
لا يعرف حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى .
ومن خلال العلاقتين ، تنشأ علاقة الإنسان بالناس ،
ومن هنا قيل :
( الدين المعاملة).
ومن المؤسف أن البعض : يفهمون التدين على مجموعة من المظاهر
والشكليات ، فالتقوى عندهم مرتبطة بمدى إطالة اللحية ،
وتقصير الثياب ، وطول المِسبحة ، والحفاظ على السواك ،
وتصنّع الورع ، وتكلف الجدية في الكلام ، والإكثار من
استخدام لفظ الجلالة بمناسبة وبدون مناسبة .
نقول لهولاء: إن الدين لا يهتم كثيرا بالشكليات ،
وفي الحديث
(فالله لا ينظر إلى صوركم وأشكالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)
فالتقوى محلها القلب ، والله هو المطّلع عليه ،
والمجازي على ما فيه من بر وتقوى
أمّا الناس : فلا يُغنون عنكم شيئا ،
وقد نظر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -
إلى رجل مُظهِر للنسك ، فضربه بدرته وقال له :
(لا تمت علينا ديننا أماتك الله) .
وكان من كلماته المأثورة: اللهم إني أعوذ بك من خشوع النفاق.
فقيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: أن يُرى البدن خاشعاً، والقلب ليس بخاشع.
ورأت الشفاء بنت عبد الله بعض الفتيان يمشون متماوتين،
فقالت في دهش: ما هؤلاء؟
فقيل لها: هؤلاء نُسَّاك عُبَّاد ،
فقالت: لقد كان عمر إذا مشى أسرع،
وإذا تكلم أسمع، وإذا ضرب أوجع، وكان هو الناسك حقاً .
ومن هنا :
فإن الحكم على الناس بالتقوى أو الورع أو فقدانهما من خلال
بعض المظاهر والشكليات ، حكم لا يستند إلى أساس صحيح من الدين .
الكاتب /خالد نعمان