جلست عجوز لا تتحدث إلا بالقرآن في شأنها وأمرها ونهيها ، فأقبل عليها عبد الله بن المبارك التقي الورع وهو في طريقه إلي الحج لزيارة قبر الرسول
فقال لها : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقالت : [ سلام قولاً من رب رحيم ]
قال : وماذا تصنعين هنا ؟
قالت : [ ومن يضلل الله فما له من هاد ]
قال : إلي أين تتجهين ؟
قالت : [ سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ]
قال : وكم لبثت ؟
قالت : [ ثلاث ليال سوياً ]
قال : أين طعامك ؟
قالت : [ هو يطعمني ويسقين]
قال : وأين ماء الؤضوء ؟
قالت : [ فإن لم تجدوا ماء فتيمموا ]
قال : هذا طعام فكلي .
قالت : [ وأتموا الصيام إلي الليل ]
قال: ليس هذا شهر الصيام .
قالت : [ ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم ]
قال: لك رخصة الإفطار في السفر .
قالت : [ وأن تصوموا خير لكم ]
قال: تكلمي بمثل لهجتي .
قالت : [ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ]
قال : ومن أي القبائل أنت ؟
قالت : [ولا تقف ما ليس لك به علم ]
قال : سامحيني إن أخطأت .
قالت : [ لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ]
قال : أتدركين القافلة علي راحلتي ؟
قالت : [وما تفعلوا من خير يعلمه ]
قال: اركبي .
قالت : [ سبحان الذي سخر لنا ]
[ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ]
قال : أخذت بزمام الناقة وصحت .
فقالت: [واقصد في مشيك واغضض من صوتك ]
قال: مشيت أحدو وأنشد .
فقالت : [فاقرأوا ما تيسر من القرآن]
قال : يا خالة هل لك زوج ؟
قالت : [ لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ]
قال : هل لك ولد ؟
قالت : [ المال والبنون زينة الحياة الدنيا ]
قال : وما عملهم ؟
قالت : [ وعلامات وبالنجم هم يهتدون ]
أي : أدلاء لقوافل في الصحراء .
قال: وما أسماؤهم؟
قالت : [ واتخذ الله إبراهيم خليلاً ] [ يا يحيي خذ الكتاب بقوة ] [ وكلم الله موسي تكليما]
قال : ناديت عليهم .
فقالت لهم : [ ابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلي المدينة فلينظر أيها أزكي طعاماً فليأتكم برزق منه وليتطلف ]
فلما جاءوا بالطعام
قالت : [ كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية]
وسأل عبد الله بن المبارك أولادها
منقووول من مقال بمجله
الزهور ـ العدد 17 ـ أغسطس 2001