تقرير منظمة الصحة العالمية يقرر أن لا خطر من استخدام الحشوات المعدنية!!
. السويلم معقباً على مانشرته عيادة "الرياض" حول سلامة الحشوات:
تقرير منظمة الصحة العالمية يقرر أن لا خطر من استخدام الحشوات المعدنية!!
د. خالد بن عبدالله المنيع
هذا التعقيب الذي أكتبه لعرض ما لدي بخصوص الخلاف في مدى سلامة الحشوات المعدنية المحتوية على الزئبق. كمدخل لهذا الموضوع أود أن أعبر عن تقديري واعتزازي بالجهود التي تبذل في صفحة "عيادة الرياض" من قبل المشرف على الصفحة والزملاء الأطباء. يقيني أن هذه الجهود التوعوية للقارئ ستجعله يستطيع اتخاذ قرار متعلق بصحته مبني على علم وبصيرة. أظن أن معد صفحة عيادة الرياض د. خالد المنيع ليوم الجمعة يوافقني القول انه لضمان الوصول إلى هذا الهدف السامي فإن المفترض طرح المعلومة الصحيحة المبنية على الادلة والبراهين وليس القناعات الشخصية.
كنت قد قرأت ابتداءً المقال المنشور بتاريخ 1427/4/14ه بخصوص خطورة استخدام الحشوات المعدنية، واستغربت في حينها الطرح غير الموضوعي لهذا الأمر، ثم قرأت تعقيبي الزميلين طبيبي الأسنان د. رائد السدحان ود. علي الحربي الذين بينا بصورة لا لبس فيها أن الحشوات المعدنية المحتوية على الزئبق غير ضارة بالصحة العامة. ثم أني رأيت بعد ذلك تعقيبين للدكتورين الفاضلين د. عبدالكريم المؤمن ود. خالد المنيع رداً على تعقيبي الزميلين.
أحب اولاً أن ألفت نظر القارئ الكريم انه في دائرة البحث العلمي، لا يعتد بالرأي ما لم يكن مدعماً بالأدلة والبراهين، ولذلك فإن الجهات العلمية الطبية المعتبرة تفضل دوماً اللجوء إلى ما يعرف بالطب المدعوم بالبراهين (Evidence-Based Medicine) وهذا المفهوم باختصار شديد يقيم الآراء المطروحة حول موضوع معين من خلال ما يتوافر لدينا من أبحاث ذات قيمة علمية معتبرة. وفي مجال الطب فإن أكبر قدر من البرهان يتوفر في الدراسات السريرية العشوائية (Randomized Clinical Trials) وأقل قدر من البرهان يتوفر من الحالات الفردية (Case report/Case series) بل إن كثير من الباحثين لا يرون لهذه الأخيرة أي قيمة من ناحية البرهان.
ذكر د. عبدالكريم المؤمن عن تشخيصه للعديد من الحالات التي تسببت فيها الحشوات المعدنية بأمراض عديدة وتم الشفاء منها بعد ازالة الحشوات، ولم يذكر لنا الدكتور الكريم كيف تم الشفاء مع اقراره بأن عملية ازالة الزئبق المترسب ليست عملية سهلة. سأكون ممتناً للدكتور المؤمن لو أسدى للمجال الطبي خدمة بكتابة بحث علمي يجمع فيه هذه الحالات ويقوم بارساله إلى مجلة علمية محكمة كمجلة الجمعية الطبية الامريكية (JAMA) أو مجلة طب الأسنان البريطانية (British Dental J.)، ثم افادتنا بالرد الذي يصله منهم.
ذكر الدكتور ان الكريمان أن الزئبق من أكثر العناصر سُمّية، ولا خلاف في ذلك، ولكن فاتهما أن الحشوات المعدنية تحتوي قبل خلط البودرة مع الزئبق لعمل الحشوات المعدنية على ما يقارب 50% زئبق،و ثم أن الزئبق يتفاعل مع البودرة ليكون الحشوة الصلبة ولا يتبقى من الزئبق إلا نسبة ضئيلة غير ضارة. وما يذكره الدكتوران الفاضلان عن سمية الزئبق في الحشوات المعدنية قريب ممن يرى أن الكلور (السام) والصوديوم (السام) خطر على الصحة في مجال اتحادهما لتكوين ملح الطعام (كلوريد الصوديوم).
ثم أن الدكتور المؤمن بعد ذكر قائمة طويلة من الأمراض والعلل التي ربطها بالحشوات المعدنية، أوصى بازالة هذه الحشوات عند طبيب أسنان ذي خبرة ودراية، وبحسب د. المؤمن فإن معظم أطباء وعيادات الأسنان غير مهيأة لازالة هذه الحشوات، ولذلك فإنك عزيزي القارئ ليس لك خيار إلا الصبر حتى يقتنع أطباء الأسنان برأي د. المؤمن ويجهزوا عياداتهم بشكل أفضل لازالة هذه الحشوات من دون زيادة خطر عليك.
أما د. المنيع فقد صدر تعقيبه بعنوان مبالغ فيه "تقرير منظمة الصحة العالمية يعتبر الحشوات المعدنية السبب الأعظم للتعرض للزئبق السام". فأقول الا يكفي أن استخدام نفس التقرير الذي ذكره د. المنيع ليثبت خطورة الزئبق في الحشوات المعدنية لدحض هذا الرأي. ففي الصفحة رقم (5) من مقال منظمة الصحة العالمية الصادر في عام 1992م وعند الكلام عن الرسم البياني (1):
(claims of individuals being affected have been made in some countries. but epidemiological studies have not confirmed the health effects.. The available data do not show any clear link between the reported health effects and the use of dental amalgam).
باختصار فإن هذا التقرير يشير إلى أن هناك ادعاءات من قبل البعض بأثر الزئبق في الحشوات المعدنية على الصحة العامة لكن المعلومات المتوافرة المبنية على البحوث المعتبرة لا تجد أي علاقة مباشرة بين الحشوات المعدنية والآثارالصحية الجانبية المزعومة. ثم انه بخصوص عنوان مقال د. المنيع، فأظن انه لايخفى على د. المنيع أن التعرض للزئبق الموجود في المناجم أو في المياه الملوثة بمخلفات المصانع أو المبيدات الحشرية، أشد ضرراً على الصحة العامة من الكميات الضئيلة الموجودة في الحشوات المعدنية. وأظن أن القارئ غير المتخصص في علم الوبائيات سيكون ممتناً للدكتور المنيع لو ذكر له أن وصف تقرير منظمة الصحة العالمية التعرض للزئبق الموجود في الحشوات المعدنية بأنه الأكثر انتشاراً لا يعني بالضرورة انه الاشد خطراً، بل الأمر بخلاف ذلك. ثم أن د. المنيع ذكر استناداً لهذاالتقرير أن الزئبق المترسب في المخ هو نتاج استخدام الحشوات المعدنية، مع أن التقرير نصّ أن بعض وليس كل تلك النسبة الضئيلة المترسبة في المخ هو من استخدام الحشوات المعدنية. ذكر د. المنيع أن السويد منعت استخدام الحشوات المعدنية بعد موجة احتجاج من قبل الصحافة والمجتمع السويدي، وفاته أن القرار السياسي لا يعني بالضرورة استناده إلى أسس علمية. بل إن جمعية طب الأسنان السويدية وهي عضو الفيدرالية العالمية لطب الأسنان تؤكد مثل غيرها من الجمعيات العلمية سلامة الحشوات المعدنية كما سيأتي لاحقاً.
اعتمد د. المنيع على موقع شبكة الإنترنت (www.noamalgam.com) لتعضيد رأيه بأن الحشوات المعدنية خطيرة على الصحة وذكر كتاب "مرض الحشوات المعدنية: التشخيص والعلاج" لمؤلفه الكيميائي د. أندرو كتلر. أحب أن أذكر د. المنيع والقارئ الكريم عند الكلام عن هذا الكتاب ومؤلفه الكيميائي بمقولة قل أن تخطئ "من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب". مثار استغرابي هنا لجوء د. المنيع إلى أي مصادر لدعم رأيه حتى لو كانت من غير أهل الاختصاص أو غير موثوقة. انه من غريب الصدف أن تجد في نفس موقع الإنترنت كتاب لطبيبة اسمها س. كيف:
(what your doctor may not tell you about childrenصs vaccination).
"ما الذي قد لا يخبرك به الطبيب عن تطعيمات الأطفال". طبعاً للقارئ الكريم حق باعلامه بمصدر الغرابة. لكي يتم الحفاظ على بعض الحقن المستخدمة في بعض التطعيمات، كتطعيم التهاب الكبد الوبائي، يتم استخدام بعض مركبات الزئبق السام (ثيومرسل) لقتل أية ميكروبات. طبعاً هناك نقاش طويل عن استخدام هذه المركبات مع الأطفال الرضع أو في مراحل النمو المبكرة. وهذا الكتاب كما يظهر لي يحذر من اعطاء هذه التطعيمات للأطفال، وحتى أكون موضوعياً، أجد انه يلزمني، وإن كنت لست استشارياً للاطفال، أن أذكر أن منظمة الصحة العالمية ترى أن الفوائد المجنية من استخدام هذه الحقن بوضعها الحالي يفوق بمراحل عديدة أي احتمالات لاعراض جانبية لها. ثم عرج د. المنيع بذكر مقالة البروفيسور هالي في الكونغرس الامريكي عن خطر الزئبق ثم أشار إلى توصيات الجمعيات العالمية بعدم استخدام الحشوات المعدنية. أقول لا ادري عن شيء يتكلم الدكتور الفاضل وموقف الجمعيات العلمية مخالف لما يذكر. ففي شهادة الجمعية الامريكية لطب الأسنان لمجلس النواب الامريكي (2) بتاريخ 14نوفمبر 2002م بخصوص سلامة الحشوات المعدنية والمعنونة ب "الزئبق في الحشوات المعدنية: بحث علمي" (Mercury in dental amalgam: An examination of the science) ذكر في هذه الشهادة في أكثر من موضع أن أفضل وآخر ما توصل له البحث العلمي المبني على البراهين يؤكد انه لا ضرر من استخدام الحشوات المعدنية. كما أن جمعية طب الأسنان الكندية تؤكد على سلامة الحشوات المعدنية (3). ففي جواب لسؤال موجه للجمعية عن مدى ملاءمة الحشوات المعدنية للنساء الحوامل أو الأطفال ذكرت انه لايوجد دليل علمي يدعم استثناء الأطفال أو النساء الحوامل أو المرضعات من استخدام الحشوات المعدنية. وفي جواب عن سؤال عن استبدال الحشوات المعدنية ووضع اخرى غير معدنية ذكرت الجمعية الكندية لطب الأسنان أن هذه الحشوات آمنة، وليس هناك من داع لازالتها.أختم هذا العرض عن مدى أمان الحشوات المعدنية ببحثين متميزين صدرا حديثاً ( 19ابريل 2006م) في مجلة من أعرق المجلات العلمية الطبية الا وهي المجلة العلمية لجمعية الطب الأمريكية. كلا البحثين يمثلان أعلى مستوى في البرهنة العلمية وقد قارنا بين الحشوات المعدنية والحشوات بلون السن (كمبورزيت) من حيث الأثر على الصحة العامة والسلوك (4، 5). وأظنك عزيزي القارئ لا تحتاج لكثير تفكير لتعلم أن نتائج البحثين أشارت إلى عدم خطورة الحشوات المعدنية.أخيراً أود أن أوجه كلمة أخيرة للقارئ الكريم. هذه الحشوات تستخدم منذ أكثر من 150سنة. ولو كان هناك ضرر من استخدامها لكان أطباء الأسنان احرص الناس لعدم استخدامها، وذلك لانهم سيكونون المتضرر الأكبر بسبب مباشرتهم استخدامها بشكل مستمر. أما استبدالها بحشوات اخرى فليس له مبرر اللهم إن كانت الحشوات المعدنية في حال لا يسمح باستمرارها أو أراد المريض استبدالها بحشوات تجميلية.
العرض الشجري
