أسلوب جديد لعلاج القلوب المريضة!!!

تقرير هارفارد

* الاختلافات الشاذة أو غير الطبيعية في صورة رسم تخطيط القلب، قد تساعد الأطباء في تقرير من هم المرضى الأكثر استفادة من جهاز مزيل الرجفان، كي تتم لهم بالتالي عملية زراعته في الصدر، كاحدى الوسائل العلاجية لحمايتهم من الوفاة. وباستطاعة إجراء اختبار دقيق لإشارات رسم تخطيط القلب الضعيفة جدا التي لا يتم عادة رؤية الطبيب لها في رسم تخطيط القلب العادي، وهي ما تقاس بجزء من المليون من الفولت (الفولت ـ وحدة الجهد الكهربائي)، أن يساعد على معرفة وتمييز من هم الأشخاص الذين قد يتطور لديهم اضطراب إيقاع النبض إلى درجة ظهور إيقاعات قاتلة من نبضات القلب الشاذة، التي من شأنها إيقاف نبض القلب بشكل مفاجئ. وكانت دوائر العناية الطبية الاميركية «ميدي كير» قد أعلنت في مارس (آذار) الماضي، موافقتها على تحمل كلفة الاختبارات التي تبنتها وكالة الغذاء والدواء، الخاصة بنمط الإشارات التي تدعى «متغيرات الموجة تي المايكروفولتية» microvolt T wave alternans فاتحة بذلك المجال لاستخدامات أوسع لها في طب القلب.

ويستهدف احد الاستخدامات الأولية والمهمة لهذه الاختبارات في التعرف على مرضى القلب الذين قد يستفيدون من «مزيل الرجفان» defibrillator المكون بالأساس من «علبة الصدمات» وتوصيلاتها من الأسلاك الكهربائية المغروسة في عضلات حجرات القلب، حيث تقوم «علبة الصدمات» هذه بصعق القلب عبر شحنة كهربائية قوية وقصيرة، تعمل على إيقاف استمرار إيقاع الدقات السريعة غير المنتظمة والقاتلة. وأجهزة مزيل رجفان القلب تزرع عادة في صدور الأشخاص الذين تمكنوا من الاستجابة لعملية إنعاش القلب بالصدمات الكهربائية وتمكنوا من تجاوز حالة التوقف المفاجئ للقلب، أي الذين نجوا من موت محقق. وأضافت الدراسات في السنوات الأخيرة الماضية فائدة جديدة لها، ذلك أنها تساعد أيضاً بعض الناجين من النوبات القلبية، ممن أصيبوا بضعف في قوة البطين الأيسر (حجرة الضخ الرئيسية في القلب). وبينت تلك الدراسات أنهم يعيشون فترة أطول مقارنة بمن لم يُزرع لهم مثل هذا الجهاز. لكن المشكلة هي أن من الصعب على الأطباء تمييز من أولئك الناجين هو معرض لخطر توقف القلب المفاجئ بشكل عال، وبالتالي سيستفيد من دون شك من زرع الجهاز الذي يبلغ سعره 50 الف دولار، وبين منْ لن يستفيد منه ولا يحتاجه. وهنا تأتي أهمية اختبار «المتغيرات الموجية التائية المايكروفولتية» للتفريق بين أفراد كل من المجموعتين.

* موجات القلب

* رسم تخطيط كهربائية القلب ECG يعطي صورة عن موجات التيار الكهربائي الذي يسري بين حجرات القلب أثناء دورة القلب الانقباضية والانبساطية. وفي كل نبضة للقلب، تظهر في الرسم ثلاث إشارات على الشاشة: موجة «بي» P، وموجة QRX المعقدة، والموجة «تي» T.

وتعكس الموجة «بي» P سريان انتشار كهرباء انقباض الأذينين، كي يتم ضخ الدم من الأذينين إلى البطينين. أما إشارة موجة QRX المعقدة الحادة فتسجل سريان شحنة النشاط الكهربائي المسؤولة عن انقباض البطينين السفليين، كي يتم بهذا الانقباض ضخ الدم منهما إلى الجسم والرئتين. أما الارتفاع والهبوط الطفيف لموجة «تي» فهو يعكس انبساط القلب حينما يتهيأ إلى إعادة دورته وبدء وصول الدم إلى الأذينين من أوردة الجسم. وكل موجة من موجات «تي» لدى أغلبية الناس لها الحجم والشكل ذاته. لكن لدى بعض الاشخاص تكون موجات «تي» المتغيرة، أو المتذبذبة، أوسع قليلا، أو لها شكل مغاير بعض الشيء. وهذا التغيير بين كل نبضة واخرى هو المتغيرات المايكروفولتية في موجة «تي». وهذه التغيرات والتبدلات هي من الصغر بحيث لايمكن رؤيتها على جهاز ECG عادي، بل يمكن التحري عنها وتعقبها بمعدات أكثر تعقيدا وتطورا التي تقوم بترشيح (فلترة) ومعالجة الاشارات الكهربائية الصادرة من القلب. وجرى تطوير الاختبار من قبل الدكتور ريتشارد كوهين، الاستاذ في الهندسة الطبية البيولوجية في قسم هارفارد ـ إم آي تي للعلوم الصحية والتقنية، وزملائه. وكان الغرض المبدئي من ذلك الكشف على قلوب رواد الفضاء للتحري عن الاشارات التحذيرية الاولى لعدم انتظام ضربات القلب التي تميل الى الحدوث في أجواء انعدام الجاذبية، لكن الاستخدام النهائي والاخير سيكون موجها للمرضى من ساكني الأرض أكثر.

* طريقة الاختبار

* اختبار «متغيرات الموجة تي المايكروفولتية» هذا يشبه تماما اختبارات تمارين جهد القلب، التي يجري فيها تثبيت سلسلة من الاسلاك الموصولة الى ملصقات، أو الى 14 قدحا صغيرا مفرغا من الهواء على الصدر. وتكون الاسلاك موصولة من طرفها الثاني الى جهاز يقوم بتسجيل النشاط الكهربائي للقلب لعدة دقائق والمريض جالس، ولدقائق أخرى وهو يسير على آلة التمرين على المشي، واخيرا لعدة دقائق وهو مرتاح من هذا العناء. ويستغرق الاختبار 30 دقيقة ولا يتطلب أي تحضير مسبق. ما الذي يقيسه هذا الاختبار؟، يقيس اختبار «متغيرات الموجة تي المايكروفولتية» هذا في الواقع التغيرات الطفيفة في كيفية قيام الخلايا القلبية بالتعامل مع الكالسيوم، لان التغيرات والتبدلات الطفيفة في تناول الكالسيوم قد تجعل الخلايا القلبية تفقد تناسقها الرائع، وبالتالي تجعلها تخفق بعيدا عن التزأمن.

والاشخاص الذين يعانون من «متغيرات الموجة تي المايكروفولتية» هم في خطر متفاقم يؤدي لتطوير تسرع في عمل بطين القلب، أو الخفقان البطيني الذي يؤدي الى تغيرات وتبدلات قاتلة في نظم دقات القلب، ففي دراسة شملت 2000 شخص، اغلبيتهم يشكون من شكل من أشكال أمراض القلب، فإن 19 في المائة من الذين يعانون من «متغيرات الموجة تي المايكروفولتية» أصيبوا بالتسارع البطيني، أو الخفقان البطيني، خلال 21 شهرا. في حين، في الاهمية ذاتها، فان 97 في المائة من أولئك الذين لا تنم اشاراتهم على أنهم مصابون بـ «متغيرات الموجة تي المايكروفولتية» كانوا خالين من احتمالات حدوث ايقاعات دقات القلب القاتلة. ويقدر باحثو جامعة ميشيغان أن استخدام الاختبار لاختيار أفضل المرشحين لاجهزة مخطط كهربائية القلب من شأنه توفير مبلغ 600 مليون دولار سنويا بالنسبة الى دوائر العناية الطبية في الولايات المتحدة.

وكانت هذه الدوائر قد وافقت على تحمل نفقات وكلفة اختبارات «متغيرات الموجة تي المايكروفولتية»، التي هي بحدود 300 الى 400 دولار بالنسبة الى الافراد الذين هم في خطر الوفاة المفاجئة، وهذا ما يغطي الناجين من النوبات القلبية الذين أصيبوا بتلف في البطين الايسر، كما قد يستخدم هذا الاختبار ايضا على الاشخاص الذين هم في خطر توقف القلب المفاجئ. والاختبار الايجابي قد يضعك على الطريق لزرع جهاز من هذا النوع في صدرك، أما إذا جاءت نتائج الاختبار سلبية، فذلك يعني أنك لست بحاجة الى عملية الزرع، ليس الان على الاقل.

JOKAR