الجزء الخامس والأخير من موضوع _ اللباس

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

اللهم لاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك ، وأصلح لنا

شأننا كله ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

أما بعد:


الجزء الخامس وهو الأخير من موضوع ـــــ اللباس


إن للباس والزينة شأناً عظيماً في ملة الإسلام ، وما جاء في ذلك من الكتاب والسنة

ليحل محلاً كبيراً في الأسفار والتصانيف،

فقد عقد أهل العلم في كتبهم أبواباً وفصولاً مستقلة ، تخص اللباس وحده ، ومن

خلال الاستقراء والتتبع، وجد أن الأسباب الداعية إلى تحريم بعض الألبسة

لاتخرج عن واحد مما سيأتي:

فمن ذلك:


التحريم بسبب مايفضي إليه من فتنة ، كظهور عورة المرأة ،

أو تجسيد جسمها وتقسيمه ،

أو إخراج العينين ، أو الوجه ، أو الكفين ونحو ذلك مما هي مأمورة بستره

عملاً بقوله تعالى :

( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى

أن يعرفن فلايؤذين ) سورة الأحزاب آية رقم 59

قال ابن كثير رحمه الله تعالى رحمة واسعة:

الجلباب هو الرداء فوق الخمار ،

وقال ابن عباس رضي الله عنهما : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في

حاجة أن يغطين وجوههن فوق رؤوسهن بالجلابيب ، ويبدين عيناً واحدة .

وبهذا يُعلم أن مايقوم به جملة من النساء اليوم ، من تغطية الوجه مع إخراج

العينين وما جاورهما من الحواجب ، وطرف الأنف ، وشيء من الخدين ،

أن هذا كله خطأ واضح ، ومسلك مشين ،

فيا لله ماذا أبقت المرأة من جمالها حينئذ،

إنها بمثل هذا ربما سترت القبيح وأبرزت الحسن ،

والشارع الحكيم أذن لها في إبراز إحدى العينين لترى بها الطريق ، لا أن يراها أهل الطريق.

وسبب آخر من أسباب التحريم :

وهو مايكون لأجل الشهرة والتباهي والخيلاء ، لقوله صلى الله عليه وسلم :

( من لبس ثوب شهرة ، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة )

رواه أحمد ، وأبو داوود ، والنسائي.

وكذا إسبال الثياب وجرها أسفل الكعبين ، سواءً كان ذلك خيلاء أو لم يكن خيلاء ،

ولاينبغي أن يفرق بين من يسبل لأجل الخيلاء ، ومن يسبل بلا خيلاء ،

والجواب الصحيح في ذلك هو أن ما أسفل الكعبين إذا لم يكن خيلاء فهو في النار،

وأما إذا كان خيلاء فإن العذاب يكون أشد يقول صلى الله عليه وسلم:

( من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) رواه الشيخان

وفي رواية أخرى ( ما أسفل من الكعبين ففي النار )

هذا في حق الرجل،

وأما في حق المرأة ، فإنها تسدل ثوبها حتى يغطي قدميها ، لأن قدميها عورة بالنسبة لها.

وسبب ثالث من أسباب التحريم : وهو التشبه

كتشبه النساء بالرجال ، والرجال بالنساء في اللباس ،

أو التشبه بالأعاجم وأهل الكفر في زيهم،

يقول عبدالله بن عمرو : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ ثوبين معصفرين

فقال: ( إن هذه الثياب ثياب الكفار ، فلا تلبسها ) رواه مسلم

وفي الصحيحين أن عمر كتب لولاته : ( إياكم والتنعم ، وزي أهل الشرك ، ولبوس الحرير).


ومما قاله الفقهاء : يحرم من اللباس ماخالف زي العرب ، وأشبه زي الأعاجم وعاداتهم .

وما أحسن ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية ، مبيناً لهذه المسألة فيقول:

إن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسباً وتشاكلاً بين المتشابهين يقودان إلى موافقة في الأخلاق

والأعمال ،فلابس ثياب العلم مثلاً يجد في نفسه نوع انضمام إليهم ، وهكذا بالنسبة لثياب الجند

المقاتلة ، وكلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في الأخلاق أتم ، ثم يؤول الأمر إلى ألا يميز

أحدهما عن الآخر إلا بالعين فقط.

وقولوا مثل ذلك في مشابهة الفسقة من مغنين وفنانين من أهل الكفر وغيرهم ممن ليس على طريق الحق.


إن الواجب والمسؤولية على كل عاتق نصيبه منها، من ولاة وعلماء ، ودعاة وأولياء أمور .

كما أن على التجار مسؤولية عظمى تجاه ذلك ، إذ عليهم أن يوجدوا البديل المباح،

وأن يكفوا عن بيع مايخدش الحياء ، أو يكشف العورات ،

وليحذروا مغبة فعلهم ، وليعلموا أن عليهم إثم مايبيعونه ، وإثم من يلبسه

إلى قيام الساعة من غير أن ينقص من أوزار من يلبسه شيء ،

وليحذروا الوقوع في أن يكونوا بفعلهم هذا ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين

آمنوا، وأنهم مسئولون عن أموالهم من أين اكتسبوها وفيم أنفقوها.




وبهذا نختم موضوع اللباس علّ الجميع أن يعي ذلك وأن يكون

المرء المسلم على بصيرة من دينه



والحمد لله رب العالمين