لا يوجد حب لا يهدده إلى هذا الحد أو ذاك شبح الغيرة التي قد تتجاوز
الحدود المألوفة والطبيعية، فتنتج عنها الأوهام والخيالات المريضة
التي قد تركب واقعاً مصطنعاً بموازة الواقع الحقيقي، فتؤدي إلى دمار
الحب، وقد تظل هذه الغيرة ضمن الحدود الواقعية ثم لا تلبث أن
تتلاشى كسحابة عابرة في فضاء العلاقة بين الحبيبين.
الغيرة أشد خطراً عندما تحدث لدى الأزواج، فعدد كبير من حالات
الطلاق لا سبب لها سوى تلك الأوهام المبالغ فيها التي تتكون لدى الزوج
أو الزوجة، والتي تتضاعف بشكل مرضي لتؤدي في النهاية إلى استحالة
الحياة المشتركة بينهما.
ونيران الغيرة تتأجج أيضاً في عالم العمل حيث ينظر البعض بعين
الحسد والغيرة إلى نجاح بعضهم الآخر، وهنا أيضاً قد تنشأ المشاكل
التي تتجاوز حدود التنافس العادل، إلى محاولة التشويش ونصب الفخاخ
في طريق الشخص المتفوق.
لا يمكن محو الغيرة نهائياً من نفوس الناس، وهي قد تكون إيجابية إذا
مكثت ضمن حدود معينة، فتنشط العواطف، وتحفز على النجاح في
العمل، فإذا تجاوزت الحدود المقبولة، فهي مؤذية للذي تصدر عنه
وللذي تقع عليه.