[align=center]بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم وفقنا لكل خير ، واجعل عواقب أمورنا إلى خير
أما بعد:
الإصلاحُ
لا يكتمِل الحديث عن الإصلاح وخطوطِه الكبرَى مِن غيرِ الإشارةِ إلى دَور الإعلامِ
بصُحُفه وقنواتِه وإذاعاته وشبَكات معلوماتِه.
العَصرُ عصرُ إعلام،
والدَّولةُ دولةُ الإعلام.
وللإعلامِ في حديثِ الإصلاح وزمَن الفتَن والابتلاء دورٌ عظيم متعاظِم
في البناءِ وفي الهدمِ على حدٍّ سواء،
بلى مِن غيرِ المبالَغ فيه إذا قيل:
إنّ هناك إعلامَ فِتنة، ينهل من فِكرٍ متطرِّف بل مسلَكٍ متطرِّف،
يضربُ في ركائزِ انتماء الأمّة، ويتبنَّى دعوةَ الارتماءِ في أحضانِ الأعداء.
إعلامُ فِتنة
تُساق فيه الأخبار والمعلومات إلى مذابِحِ المقالاتِ والتّحليلات المشبوهَة
التي تصنَع من رائِحَة الخَبَر وليمةَ تعليقاتٍ وتحقيقات وحِوارات ومُقابلات،
تختار مشارِكِيها بانتقائيّة فجَّة
لتحاكِمَ خصومَها مِن رجالاتِ الأمّة وساسَتِها وعُلَمائها وقياداتها،
من أجلِ حادِثَةٍ هنا أو اشتِباهٍ بِوجودِ مسلمٍ عند الحدَث هناك.
إعلامُ فِتنة
يتبنَّى الترويجَ المثير للأكاذيبِ الخبرية وتلفيق التّصريحات المثيرة.
إعلامُ فِتنة
يُزيِّف الوعيَ ويُفسِد الأخلاق ويوقِظُ الفِتَن.
لقد وُجِد في إعلامِ الفِتنة من يستعدِي الأعداءَ على أمّته،
ومن يسخَر من دينها وتديُّنها ومحافظتها،
ويسخَر من شعائر الإسلام الظاهِرَة من الأذانِ والحِجاب واللّباس واللِّحى.
ومع ما يجِب من محارَبَةِ التطرّف والإرهابِ وكشفِ أهلِه والتحذيرِ منهم
ومحاسَبَتهم ومعاقَبَتهم
إلا أنه وُجِد في إعلامِ الفِتنة من يصِف كلَّ مُتدَيِّن وصالحٍ بأنه متطرِّف وأصوليّ وإرهابيّ،
بل يزعم أن عمومَ الصالحين والمتديِّنين أخطَرُ منَ المتطَرِّفين والإرهابِيّين المعروفين؛
لأنّ المتطرّفين على حدِّ زَعمه قد عُرِفوا وكُشِف حالهم،
أما عمومُ الصالحِين والمتديّنِين فهم أصوليّون ومتطرِّفون تحت ثِيابهم.
وهذا من أعظَمِ الطوامِّ وأخطَرِ مسالك الفساد والتمزيق حين يكون التعامُلُ مع النّيات
والتوقُّعات والاحتمالات في دعوَى المسالِكِ الخَفيّة والمناهِج الخفية،
ولسوفَ تكون الحصيلةُ تطرّفًا يقابلُه تطرّف،
ويضيع الاعتدالُ والوَسَط،
ويهلك المجتمَع،
ويُفقَد الإصلاح،
ويَقطِف الثمرةَ العدوّ المتربّص.
إنَّ الإعلامَ المطلوب
إعلامٌ يرسِّخ الثوابِتَ،
ويصحِّح المفاهيمَ،
ويُثري المعرِفَة،
ويوفِّر المتعَةَ المباحة،
ويُشكِّل وَعيًا سليمًا،
ليس بهلوانيَّ الإثارَةِ،
ولا استفزازيَّ الغاية،
ولا فاضحَ الأخلاق،
ولا قاطعًا للأعناق بالمدِيح.
وبهذا نصل وإياكم إلى ختام موضوع
[ سبيلَ الإصلاح والحضارة وطريق النّورِ والبناء ]
أسأل الله بمنه وكرمه أن ينفع به
والحمد لله رب العالمين[/align]