اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
وعجل فرجهم يا كريم
نظرةٌ إلى الإحرام
يحتوى الحج على أعمال متعددة, ولكل واحدٍ من تلك الأعمال فلسفة وحكمة.
1- الإحرام: يمثل تهيئة يراد من خلالها الدخول إلى رحاب الكرم الألهي, والمطلوب من الإنسان أن لايدخل في شيء من أمور حياته إلا من بابه المقرر له (وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) , والتجاوز القسري لأي باب من أبواب, الحياة يوقع الإنسان في مشاكل لاتنتهي, وتبقي آثارها الخطيرة على وضعه المادي والمعنوي.
2- والإحرام هو ذلك اللباس الخاص الذي يقود الإنسان إلى حالة من التجرد عن الملذات المحرمة في كل حياته, بل وعدم الإسراف في الأمور المحللة أيضا, ويقود الإنسان إلى حال من التذكر للباس الآخرة... الشيء الوحيد الذي يحمله معه من الدنيا , وحينئذ فعلام يتفائل بالدنيا ويجمع من حلالها وحرامها؟!!
3- ويتذكر بذلك اللباس أن التواضع ضرورة من ضرورات , إذ أن المستبد في فكره وسلوكه هو إنسانٌ هالكٌ لامحالة.
4- ويتعلم الإنسان من لبس هذا اللباس أن يكون التوحيد هو شعاء الإنسان, وأن يقلص الإنسان من خلافاته مع الآخرين , لأن حالة العداء تخلق مجتمعًا ويستمر في ذلك, لأن حالة العداء تخلق مجتمعًا متخلخلا متفككًا لاوزن له, وقد قال تعالى : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ), ومن هنا حرم الشرع الهجران للأخ المؤمن أو الأخت المؤمنة أكثر من ثلاثة أيام.
5- ومنالأمور التي ترتبط بهذا اللباس الإحرام ككل أن الإنسان يتعلم من ذلك حقيقية الصبر, إذ الصبر مهمة شاقة تحتاج إلى ترويض ومجاهدة, ولايلقاها إلاذو حظ عظيم, فأنت عندما تكون في الحج تجابهك الكثير من المواقف, فما هو موقفك من هذه الأمور؟ هل تجابهها بروحية الصبر أم بروحية الجزع والاستهتار وفقدان الأعصاب؟ نعم لابد من الضبط , وإلا لم يحصل للإنسان الناسك على أي فائدة مرجوة من ذلك العمل.
6- ومما يرتبط بلبس ثوبي الإحرام , وهو ذلك الربط العجيب بين حالة الإحرام والتزه عن أمور معينة تسمى بمحرمات الإحرام , إذ الالتزام بترك هذه الأمور يعطينا درسًا مهمًا هو الاستعداد للمجابهة الكبرى في الحياة مع الشيطان الذي يجري من الإنسان مجرى الدم في العروق فأنت عندما تقاوم في الحج وتلتزم بأن لاتفعل شيئًا من هذه الأمور فسيعلمك ذلك الضبط والقوة والعزيمة الثاقبة في مجابهة ماهو أعظم وأشد, وقد ورد في الحديث :
(لايعبأ بمن سلك هذا الطريق إذ لم يكن فيه ثلاث خصال, ورعٌ يحجزه عن معاصي لله, وحلمٌ يملك به غضبه, وحسن الصحبة لمن صحبه).
وفي رواية أخرى: ( ليعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلقٌ يخالق به من صحبه, أو حلمٌ يملك به غصبه, أو ورعٌ يحجزه عن محارم الله)..