تحقيق : محمد هاشم
هذه الجريمة قد يظن البعض أنها غامضة.. معقدة.. مطموسة المعالم.. جثة لشاب داخل أحد المصارف بمنطقة الهرم.. غارقة في الدماء.. لايوجد أدني دليل بها يثبت شخصية صاحبها.. فقط بجوارها الاداة المستخدمة 'سكين حاد' حتي لايوجد عليه أي آثار لبصمات اليد..
الجريمة كانت غامضة.. ولكن خيط رفيع توصل إليه ضباط مباحث الجيزة كان كفيلا بأن يكشف القاتل.
البداية كانت عند المقدم علاء عابد رئيس مباحث الهرم.. أحد الأهالي يقف أمام باب مكتبه يطلب مقابلته لابلاغه بالعثور علي جثة داخل أحد المصارف بمنطقة الهرم.. بسرعة طلب رئيس المباحث دخول الشخص.. جلس أمامه.. وبسرعة وتلقائية أخبره بأنه يعمل سائق تاكسي.. وأثناء مروره لاحظ وجود جثة علي أطراف المصرف.. نزل ليستكشف الأمر.. فوجدها غارقة في الدماء وبجوارها سكين كبير..
بسرعة تحرك رئيس المباحث ومعه معاونوه الرائدان محمد الصغير وايهاب رضا إلي المكان الذي أدلي به الشخص.. ليكتشف بالفعل وجود الجثة.. وبسرعة تم إخطار اللواء عبدالوهاب خليل مدير الادارة العامة بمباحث الجيزة.. الذي شكل علي الفور فريق بحث قاده اللواء جاد جميل مدير المباحث الجنائية وضم العميد عادل الشاذلي رئيس مباحث قطاع الغرب والعقيدان أحمد عبدالحكيم مفتش المباحث ومحمد مصطفي وكيل الفرقة.. التحريات المبدئية التي جمعها ضباط المباحث كانت ضعيفة.. فلا يوجد ما يشبه شخصية المجني عليه.. حتي معالمه مطموسة!
إتجه ضباط المباحث نحو خيط آخر وهو البحث عن بلاغات الغياب خلال فترة شهر ولكن لم يتم التوصل إلي شيء.. حتي وصلت معلومة بسيطة إلي المقدم علاء عابد رئيس مباحث الهرم!
فتاة صغيرة وشقيقها يدخلان إلي قسم شرطة الهرم يبلغان عن أختفاء شقيقهما.. جلس معهما رئيس المباحث.. الوجوم والارتباك ظهر علي ملامحهما.. بسرعة شك رئيس المباحث في شخصيتهما.. طلب منهما أن يتعرفا علي جثة داخل المشرحة.. لعلها تكون متشابهه مع أوصاف شقيقتهما الغائبة.. خاصة وأنهما أدليا بنفس المواصفات التي تنطبق مع أوصاف المجني عليه؟
اتجه الشقيقان ناحية الجثة.. وحينما شاهداها علي الفور تعرفا عليها.. ولكن دون أن تظهر عليها أي علامات الفزع!..
وبدأ ضباط المباحث يتجهون ناحية هذا الخيط الرفيع.. يجمعون المعلومات، وتبين أن المجني عليه اسمه 'سيد' مشهور عنه سوء السير والسلوك وأنه كان يعيش مع شقيقه وشقيقته وحدهما داخل منزل واحد بعد وفاة والدهم ووالدتهم.. فهو كان يعمل ميكانيكي وشقيقه يعمل موظف باحدي الهيئات الحكومية أما شقيقته الكبري فهي تجلس داخل المنزل لرعاية شقيقها.. وأن المجني عليه في الأوانة الأخيرة تعرف علي مجموعة من أصدقاء السوء كان يتناول معهم المخدرات.. وأنه علي أثر ذلك في أكثر من مرة نشبت المشاجرات بينه وبين اشقائه وبسبب طلبهما الدائم له بالابتعاد عن هذا الطريق خاصة بعد أن ساءت سيرته داخل المنطقة؟!
كل هذه المعلومات توافرت أمام ضباط المباحث.. ولكن ظل شيء واحد من هو مرتكب الجريم؟!
خيط آخر بدأ ضباط المباحث السير فيه.. خاصة بعدما توصلت بعض التحريات إلي أنه من الممكن أن يكون الشقيق والشقيقة هما مرتكبا الجريمة.
الجيران في المنطقة أكدوا أن المشاجرات بين المجني عليه وبين اشقائه أزدادت في الأوانة الأخيرة.. وأنهم منذ اسبوع.. وهو وقت ارتكاب الجريمة كانت هناك مشاجرة بينهم.. توعده علي أثرها الشقيق الأكبر وشقيقته بالقتل اذا لم يبتعد عن هذا الطريق الذي اساء إليه وإليهم في نفس الوقت.. وأنه في هذا اليوم بالتحديد خرج أحمد وشقيقته 'سعاد' من الشقة في تمام الساعة الرابعة فجرا يحملان جوالا كبيرا وقاما بالقائه في أحد المصارف القريبة من المنزل!
هنا تأكد ضباط المباحث من شكوكهم في أن الشقيقين هما وراء أرتكاب الجريمة.. علي الفور تم استدعاؤهما.. وبمواجهتهما بالتحريات ضدهما.. انهار الاثنان.. واعترفا أمام المقدم علاء عابد رئيس مباحث الهرم بأنهما اشتركا في قتل شقيقهما الثالث لأنه كان مدمنا.. وأنه اساء إليهما ولأسرتهم المعروف عنهما السمعة الحسنة..
أعترفا أيضا بأنهما يوم تنفيذ الجريمة.. أتفق الاثنان علي أن يقوما بتوثيق شقيهما الثالث بالحبال وأحضر المتهم سكينا حادا وغرسها في صدره وطعنه عدة طعنات نافذة بالصدر أودت بحياته في الحال وأنهم بعد ذلك قاموا بحمله داخل جوال أحضراه خصيصا لهذا الأمر وخرجا به والقيا به في المصرف القريب من بيتهم بعد أن قاموا بطمس البصمات في السكين بألقائها في النيل.. ثم بعد ذلك قاما بالابلاغ عن اختفائه بعد ما شعرا أن الخطر بدأ يداهمهما.
أمر اللواء محمد ابراهيم مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة بأحالة المتهم وشقيقته إلي النيابة التي أمرت بحبسهما أربعة أيام علي ذمة التحقيق.
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم 
العرض الشجري
