والجود.. هو الوقوف بجانب الاقرباء والاصدقاء والاحسان اليهم، وايضاً المعاملة الحسنة، والاطمئنان عليهم والسؤال عنهم اذا غابوا او ابتعدوا وقد قيل في الامثال الشعبية (من قدم الحسنى تقاضى الجمائل) وفي ذلك يقول الشاعر مسفر بن سعيد بن فرحان:
رفيق لما جات حاجتي ما درى عني
كبيرة علي اصير وياه من لابه
رفيقي على عسر الليالي يعاوني
علي لو يميل الدهر ما هو بيرضابه
ومن غره الوقت ونسى عني
مغيب علي اروح اوقف على بابه
ويجب على الانسان ان يبتعد عن الامور التي لا تتوافق أبداً مع صفات الجود ومنها البخل وقول الكلام بدون فعل.. فهذه الدنيا تتقلب ولا تستقر على حال ولكن يبقى الجود من انبل واشرف المعاني السامية والاهداف النبيلة التي لها أثر طيب على النفوس يقول الشاعر سعد بن جدلان الاكلبي:
والله اني ما اعتذر من لزوم الطيبين
وان عسرني فالمطاليق دايم يعذرون
لانهم زد حدهم وقتهم ومجربين
مرة يلقون ومرار ما يلقون لون
في الخلا عندي زباد ونسمة ياسمين
خير من ترحيب ناس مغير يجاملون
أتلذذ بالخلا من عداة الغايبين
واجتماع اللي يقولون ما لا يفعلون
مرخصين انفوسهم وبخلا مستكبرين
دايم من دون في دون حتى ينفقون
وصحيح ان الواجب علينا ان نعين اخواننا بما تجود به أنفسنا من كرم وجود.. ولكن الانسان الذي ينكر هذا الجميل او المعروف يعتبر في الحقيقة انساناً جحوداً ناكراً للجميل وفي هذا الشأن يقول الشاعر حمد هادي المسردي:
ما دريت انه على الارض ماجود جحود
لين سوينا جميل بناس واجحدوه
والله ان من يفعل الجود في اللي ما يجود
مثل من حجج على غاربه ذبَّاح ابوه
والجود.. من الصفات الحميدة والحسنة التي يتصف بها الاوفياء من الناس وهدف أي شخص نبيل في عالمنا الاسلامي، وقد قيل: (من أراد الرفعة العالية في العقبى، والمرتبة الجليلة في الدنيا، فليلزم الجود بما ملك، وترك الاذى الى الخاص والعام، ومن اراد ان يهتك عرضه، ويثلم دينه، ويمله اخوانه، ويستثقله جيرانه، فليلزم البخل) فالجود يغطي عيوب الناس.. وهو الاسلوب الوحيد الذي جعل بقية الاساليب الاخرى عاجزة عن تغطية أي عيب آخر من عيوب البشر وصدق قول الشاعر العربي:
ويُظْهر عيبَ المرء في الناس بخلُه
ويستره عنهم جميعاً سخاؤه
تَغَطَّ بأثواب السخاء فإنني
ارى كل عيب والسخاء غطاؤه
والجود.. هو الذكر الجميل في هذه الدنيا، فالشخص الذي لا يساعد الآخرين ولا يفزع معهم ولا يهتم بجوانب الحياة الانسانية.. سوف يبتعد عنه الجميع وينظرون اليه بنظرة لوم وعتاب، وحتى لا يتصف الابناء بهذه الصفة الذميمة اوصى الشاعر خلف بن زويد الشمري ابنه (دخيل) وحثه على فعل الجود والمراجل لأن هذه الفعال حميدة وكذلك تقوي اواصر المحبة والمودة داخل قلوب الناس:
دخيل خذ من والدك لك مساله
مسالة ما يفهمه كل رجال
احشم خويك عن دروب الرزاله
ترى الخوي عند الاجاويد له حال
والمرجلة بالك ترخي حباله
حذرا تعيل ولا ترخي لمن عال
البل تفتل من وبرها عقاله
والخيل تزلج بالشبيلي والاقفال
ان كان ما تدعا على كل فاله
تراك من حسبه هدوم له ازوال
وان كان دلوك ما تموحه شماله
ترى النشاما ينسفونه على الجال
رفيقك الداني ليا شفت حاله
يحمل عليك من المعاليق ما شال
يا عل رجل شوفته قد حاله
عسى تدور زوجته فيه الابدال
الحمرة تدرك معيشة اعياله
وإلا الرجل يبغى منه بعض الاحوال
والجود.. من صفات الاوفياء فهو يثبت أسس الترابط والتعاون والمحبة الصادقة وسط المجتمع ويدعو ايضاً الى التواد والتراحم تجاه الآخرين.. والانسان الذي يتصف بالجود لابد ان يتحلى بالصفات الحسنة والخصال النبيلة والمحببة عند عامة الناس مثل: السماحة وبشاشة الوجه ولين الجانب والترحيب والفطنة وجمال الروح الخ... فهذه الصفات جميعها طيبة وتدل على الجود وتجعل الناس يقصدون مجلس من يتصف بها ولا يملونه يقول الشاعر الأمير محمد بن احمد السديري:
لعل قصرٍ ما يجيله اظلالي
ينهد من عالي مبانيه للساس
لا صار ما هو مدهلٍ للرجالي
وملجا لمن هو يشكي الظيم والباس