العودة   منتديات بعد حيي > المــــنتديات العــــامه > منتدى ضفاف حره
 
 
 
 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-22-2012, 03:30 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية صبآح الخير
 

 

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

صبآح الخير غير متصل


إلى عاقر، أنجبتني .

.


- اختبأتُ برحْمكِ.. ولم أكُن أدري وقتها أنني فتاة.
لقد تمنّيتُ أن أكون صبي.. كما أردتِ، وتمنّيتِ، ودعوتِ.
كنتُ أريد أن أخرج للحياة، وأنا بالشكل الذي ترغبينه.
سأتحمّل كوني صبي لأجلكِ، سأتحمّل كل سُلبيّات فطرتي لتتحقق أُمنيتكِ، لتملئين البيت ابتسامة لا تنقطع.
قبل أن أخرج.. عرفتُ أنني فتاة، وعرفتِ أنتِ.. أنني كذلك .
كنتُ أتخيّل شكلكِ الغاضب قبل أن يُخبركِ طبيبكِ، لكنّك ابتسمتِ بملامح غريبة جداً، عرفتُ لاحقاً أنّك تبتسمين باِسم الحنان،
عرفتُ أن كل ما يصدر منكِ يُسمّونه رقّة، يُسمّونه أُمومَة، يُسمونهُ حنان.

- تحمّليني يا أُمي، حين أُسمّيكِ الأم العاقر.. التي لم تُنجب أبناء عاديّين، كالأمهات الأُخريات.
أنجبتِ البنات، ووقتما تلدينهن كنتُ تفتّشينهن بلهفة؛ تبحثين فيهن عن صبيّ شقيّ.
وكنتِ تعرفين جيّداً أنَّ البنات أكثر لُطفاً وأكثر حناناً عليكِ، كنتِ تعرفين أننا أكثر من يشعر بك
ويشعر بحزنك وفرحك؛ لكنّك تُريدين ( اِبناً ) ولو كان قطعةً من خشب.. على الأقل ستستندين عليها، وتحميكِ
من الغرق، تحملكِ لبرّ الأمان وقت الحاجة، وفوق الحاجَّة.
كنتِ ذكيّة.. لكنَّ القدر أذكى منكِ يا أمي، القدر الذي يُحرّكهُ حكيمٌ عليم، الذي يُعطينا لأننا نستحق.

- كُلَّما كتبتُ لكِ حرفاً، هممتُ بمسحه بسرعة، بخوف.
لا أدري كيف تجرأتُ اليوم وكتبتُ لكِ هذهِ الرسالة، أوّل رسالة.. وسامحيني لأني سرقتُ شجاعتكِ
وكتبتها، سرقتُ رضاكِ وكتبتها، سرقتُ ابتسامتكِ الطويلة وعينيكِ الضاحكَين .
إنني أكثر سعادة منكِ حين تضحكين، حتى ولو كنتُ تعيسَة وقتها .
على مهلكِ يا أُمي اِقرأيني، أنظري لما خلف الرسالة، تأملي يداي ترتجف .. تأملي عيني التي
تنتظر رضاكِ، تأملي خوفي، وابتسمي.

- لا يهم كونكِ تمنّيتني صبيّ، الأهم أنّكِ الآن تبتسمين كلّما رأيتِ ابنتكِ، أنا .
سأنسّى قدر احتياجكِ، وأعطيكِ أكثَر.. وأُعطيكِ.
لا تشعري أنني ابنةً بارّة للحظةٍ واحدة!
إنني عاقّة، ولا أعرف كيف أصل لرضاكِ، الأكيد أنني أحاول الاقتراب لرضاكِ كلما رأيتكِ
وتذكّرتكِ.
أُمي، لا تُشغلكِ الحياة التي تركت أبي في المقبرة.. وسارت بنا في طريقها؛ وكأنّها لا تأبه بنا.
أُمي، أنتِ ( أبي ).. الذي لا يهابُ شيء، أنتِ أبي الذي ( لم يمُت ).
لا تُشغلي يدُكِ الكريمة حين تركض وتغطّينا، وتقفزُ لتجلبُ لنا الأشياء التي نحبّها، إننا نكتفي
بكِ لنعيش، إننا رغم أننا نُقصّر، ورغم أننا لسنا بارّين بكِ، إلّا أننا نكره كوننا عاقّين.. نكره
تقصيرنا.. إننا نتمنّى لو أنّك أرغمتِ أذرعتنا لتحتضنكِ كُل صباح وقبل كل سُبات.
نتمنّى لو أنّكِ وضعتِ لنا قانوناً نحفظه؛ لنطبّقه.. قانوناً يقضي على فسادنا، على عقوقنا.

- أمي أخبريني كيف يعتذر الأبناء لأُمهاتهم!
أخبريني كيف أركعُ لأُقبّلَ هامَة يديكِ وأسجد لأُقبّل باطن قدميكِ، لا تمنعي اِنكساري، لا تُمسكي كتفي كي أستقيم..
دعيني أُقلّدهم، دعيني أربط عيناي ولا أرفعهما عن موضع قدميكِ!
دعيني أقتلع "الأُفْ" من حلقي، أمهليني ألاّ أنهركِ ولو باِبتسامة هزل.
ستملّين منّي يا أمي، لكنّكِ لن تحرميني دعواتكِ. ستخجلين منّي.. لكنّكِ لن تبعديني عنكِ.

- أُمي.. أنا لا أدري كيف أنجبتِ أبناءكِ وأنتِ عذراء، بهذهِ الطهارة العجيبة.
لا أدري كيف أنجبتِ ابنك الأوّل وأنتِ عاقر، لا تُنجبين الأشياء التي تبكي، والتي تجعلكِ تصرخين.
أُمي .. إنني فتاة ، لأكتب لكِ هذهِ الرسالة.. بينما أخي مُسافر.. خارج البلاد، بعدما أخذ منكِ المالَ
ليمرَح..
إنني فتاة لأنني اخترتُ ألاّ أتزوّج قبلما تشفين ويذهب عنكِ المرض، بينما أخي يشح بوجهه عنكِ؛
فهو لا يُريد الفتاة التي اخترتِها له!

- أُمي .. إنني فتاة، وأعرف أنّكِ لا تُحبين أكل "ورق العنب"، والباذنجان "المُحشّى" بالأرز .
ولا تحبّين أكل البسكويت "المحشى" بالتمر.
لا تحبين الأشياء التي تُحشّى بالأطعمة التي تُحبينها أكثر.. التمر، الأرز!
كنّا على المأدبة.. وأبعدها عنكِ؛ لتبتسمين رِضا، أبعدها عنكِ لأجعل معدتكِ تشتهي باقي الأشياء بلذّة.
إنني لم أحزن حينما أخذتِ الباذنجان "المحشّى" من يد أخي؛ لتُقرّبيها لفمّكِ مجاملةً له، ولأنه يراقبكِ أكلتِها بملامح مُكرهَة،
أكلتِها وأنتِ تنظرين إليّ، تخشين ضيقي، لا! لم أضيقُ يا أمي، إنني سعيدة أكثر منكِ.
إنني سعيدة لأنّ أخي بارّاً بكِ أكثر منّي بنظركِ، لأنّهُ أكثر لباقة منّي بنظركِ، لأنّه يستحق حُبّكِ.

- أُمي.. لأننا لا نحتضنكِ كل صباح، ولا نُقبّل رأسكِ إلا نادراً، فإنكِ تستحقين أبناء آخرين.
إنّكِ عاقر، لأنَ أبناءكِ لا يعرفون كيف يحتضنوكِ دون أن يخجلون وتتلوّن وجناتهم، دون أن تتشابك أيديهم ببعضها،
دون أن تهتزّ أصواتهم وتدور عدسة أعينهم بين زوايا الغُرفَة .
إنّكِ عاقر، لأننا أبناء تميّزنا بالذكاء.. والعبقرية، وحين يسألنا أحدهم..
عرّف البر بالوالدين؟ نقول: "وبالوالدين إحسانا"ً..ونصمت! إنّكِ عاقر.. لأننا لم نكُن لكِ زينة الحياة الدُنيا.

- أمي.. أتدرين ما الذي أخشاه ؟
أنّكِ تفتقدينني الآن .. وأنا أكتب هذهِ الرسالة .
أخشّى أن تتهميني بأنّي أعبدُ غرفتي! وأنا فقط أُحبّها؛ لأنها تجعلني أشتاق إليكِ، وأنوي –حينها- أن أذهب إليكِ
وأحتضنكِ وأُقبّلك.. أركض إليكِ مُسرِعَة؛ لأُنفّذ ما كنتُ أنوي فعله؛ لأُفاجئ بكونكِ غاضبة ككُل مرّة، وتسبّينني بأطهر لعنَة!

- سأضطر لـ أنْ أؤجِل باقي الرسالة، في رسالة أخرى..لا يقرأها غيركِ يا أُمي .



منقول لـ * أروى .</b>









 
 
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:35 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir