قصة قصيرة "هلي الله بيسرو"

هلي الله بيسرو....!!!

انتصف ظهر يوم الجمعة، الجو هاديء رغم الحرارة المرتفعة ... رن الجوال ، حدق المحامي بالرقم المتراقص على شاشة العرض ، أدرك أهمية المكالمة، فتح الخط ..... واستمع للطلب، قال حاضر ، ها أنا قادم، ........ارتدى ملابسه على عجل وركب سيارته وأسرع إلى رام الله.......... ، مسافة الطريق تجاوزت الساعة ، وصل المؤسسة التي استدعته، وترجل ودخل بعد أن لاقى من التسهيلات ما كان متوقعا على الباب،..... دخل المكتب ، هناك محقق يجلس في مكانه يقابله رجل حسن المظهر طويل القامة ، تظهر عليه النعمة، يبدوا عليه الثقة الزائدة.........
قال المحقق :أنت المحامي؟؟
أجاب :نعم أنا المحامي، ما المسألة ؟؟
قال المحقق : صيد ثمين، قضية فساد
وهذا "المتهم" على موعد مع مركز رفيع ، مرشح لنيله من قبل كبار صناع القرار
انتقل الجميع الى المكتب المعد سلفا، حيث الراحة والهدوء ، لان الملف كبير وطويل وشاق ،فانطلق الاستجواب لنحو خمس ساعات متواصلة والمحامي يدون ويحسب ،يدون الاعترافات و يحسب الأموال التي يقر "المتهم " باختلاسها من خلال موقعه الرسمي ، المحامي الذي تحول الى محاسب أيضا، كان يطالب" المتهم" بإعادة كلامه و وبتكرار الأرقام التي ترد على لسانه حتى يستطيع التوثيق، تلاحقت الصفحات خلف بعضها البعض حتى مضت الساعات الخمس، وما أن انتهى التحقيق حتى بلغت المحصلة عدة ملايين من الدولارات المتبخرة من خزينة المشاريع العامة الى جيب "المتهم ".
المحامي خرج عن المألوف والبروتوكول القانوني بسؤال للمتهم :إذا كانت هذه الملايين التي اختلستها من موقعك الصغير نسبيا، فماذا ستختلس إذا نلت موقعك الرفيع الموعود ؟؟
فرد الأستاذ بكل هدوء : هلي الله بيسرو !!!!!
صعق المحامي ببساطة الرد، وجرأة "المتهم" وتصميمه على نهب المال العام، فأمر بتوقيفه لمدة 48 ساعة على ذمة القضية، وأسرع في إبلاغ النائب العام الذي أصابته الصدمة مما سمع، وطالب المحامي بسرعة تحويل الملف حتى يضعه أمام" الكبير " قبل أن يوقع قرار التعيين.