بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله اللطيف المنان، عظيم السلطان، القوي الديان، الكريم على توالي الزمان، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للأنام.............أما بعد:
مسافر دام سفره عدة شهور، وبعد هذه المدة الطويلة سقط هذا المسافر على جبينه خضوعاً لرب الأرباب.... إنه أنت أيه الإنسان الذي كنت في بطن أمك تسعة أشهر، والله يحفظك ويرعاك طول هذه المدة، ثم سقطت إلى هذه الدنيا الفانية.
سقطت صغيراً ضعيفا... فأنبت الله لك السن لتقطع بها، أطعمك بعد الجوع، وكساك بعد العري.
قال الله تعالى (( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ))
من رعاك وأنت في بطن أمك، من الذي سقاك من ثدي أمك لبناً بارداً في الصيف، ساخناً في الشتاء.
إنه القوي المتين، القاهر الظاهر المبين، لا يعزب عن سمعه أقل الأنين، ولا يخفى على بصره حركات الجنين.
سبحان من تسبح له السموات بأكنافها، والبحار بأصدافها، والأرض بجبالها وأشجارها، والأجنة في بطون أمهاتها، والحيتان بمختلف لغاتها.
اللبن من بين فرث ودم من صفاه... العسل في بطون النحل من حلاه... الجنين في بطن أمه من رعاه... الجبل الشامخ بالأرض من أرساه... الكوكب في السماء من أجراه... المريض من عافاه... الطبيب من أرداه... الثعبان من أحياه والسم يملأ فاه... الوليد من أبكاه... الطعام في الأحشاء من أمشاه.
إنه رب الأرباب، ومسبب الأسباب، ومنزل الكتاب، وخالقُ خلقه من تراب، سامع خفي النطق ومهموس الخِطاب.
يا من تعصي الله:
كيف تعصي ربك وأنت تأكل من رزقه، وتسكن أرضه، وفي كل مكان يراك.... هل تستطيع رد الموت عنك إذا أتاك.
أيها الإنسان:
أنت الميت الذي أحياك فله الحمد، أنت الضعيف الذي قواك فله الحمد، أنت الصغير الذي رباك فله الحمد، أنت الفقير الذي أغناك فله الحمد، أنت الضال الذي هداك فله الحمد، أنت الجاهل الذي علَّمك فله الحمد، أنت الجائع الذي أطعمك فله الحمد.
اللهم ارزقنا انشراحاً في صدورنا، وطهارة في قلوبنا، وسلامة في عقولنا، وعافية في أبداننا
الرجو الرد علي الموضوع
العرض الشجري
