ضرب سعيدان ما يوجع
ضرب سعيدان ما يوجع!
بدرية البشر - نقلا عن الحياة اللندنية
كتب كاتب اسمه لطف الله مقالاً بعيداً عن اللطف، فبعد أن تقرأه تستطيع أن تقول لابنك إذا شاغب كثيراً (اقعد يا فاجر)، وتستطيع أن تقول لزميلك في العمل إذا ما رأيته يمدح مديره أو يقف له احتراماً (يا زنديق)، ويضمن لك في الحالتين أنك لم تقع في مغبة الشتم والبذاءة، لأن لطف الله يقول إن العريفي لم يخطئ، فقد وصف السيستاني (بالفاجر الزنديق) والفجور هو الخروج عن الحد والمبالغة فيه، وهو يستعمل عادة للتعبير عن الفواحش. والزندقة كلمة فارسية (= زندكة)، أقرب ترجمة لها في العربية هو: النفاق.
والحقيقة أن مقال لطف الله ذكرني بحكاية كان والدي يحكيها لنا، فيقول إنه كان لجارنا ابن يضرب الأطفال في الحارة، وجارنا لا يجد رداً يقوله للمشتكي سوى: وهل ضرب سعيدان يوجع؟ ضرب سعيدان ما يوجع!
أيضاً لطف الله لا يجد في شتم العريفي ما يوجع. ماذا يعني فاجر؟ انها فقط وصف لخروج عن المألوف! وماذا يعني زنديق انها مجرد كلمة منافق!
وعجيب أن أستاذ العقيدة الاسلامية في الجامعة لم يتذكر حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) حين سألته عائشة لماذا لم يرد على ذلك الاعرابي الذي كان يرفع صوته على الرسول بقوله: ان الشر ليتقى ياعائشة!
على زنادقة هذا الزمان اليوم وفجارها أن يكفوا عن الفذلكة واللجوء لقواميس البلاغة، والتخفيف مما فعل سعيدان وغير سعيدان، فمن سيدفع الثمن هم أبناؤنا وأطفالنا وطلابنا ونساؤنا الذين لن يسمح لهم في الرحلات لبلاد الغرب مضطرين أو مختارين، بدخول الحمام قبل ساعة من الهبوط، وعليهم أن يتوقفوا عن التلحف بالبطانية، كما لا يسمح لهم بالغياب عن أعين عناصر الأمن لأي سبب كان.
وسيفتشون باستخدام أجهزة إشعاعية تظهر المسافر عاري الجسد للتأكد من عدم وجود أية مواد متفجرة مزروعة أو مهربة في جسده أو ملابسه الداخلية، ولو هبطوا في محطة انتقالية عليهم أن يخضعوا للتفتيش المزعج نفسه.
أعرف أن هذه المبالغات في الإعلانات السياسية لا تصدق كثيراً، كثير من الموظفين في المطارات هم بشر مثلنا يحتكمون لعقولهم ولأخلاقهم، لكن صدقوني ستجدون من بين هؤلاء الموظفين زنديقاً وفاجراً سيتعمد إهانتك والضغط على أسنانه وهو يحدثك، سيقول لك ما قالته لي سيدة وأنا أفتش عن حجز للعودة لبلادي، ان هذه الطائرة لا تذهب إلا لإسرائيل فقط، وقد جزت على أسنانها وهي تخرج حروف إسرائيل، لتريني حجم عدائها لي، وعلى رغم هذا لم اقل لها أيتها الزنديقة الفاجرة، لكنني تركتها وذهبت لسيدة أخرى عاقلة، ولا تبادلني العداء.
العرض الشجري
