بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة إلى لساني ....ولا يهون قلمي عندما يكتب
لا أعرف كيف أتحدث إليك ، أو أبعث إليك برسالة ..
فأيام عمري التي قضيتها معك والتي سوف أقضيها....
كنت أنت الذي تتحدث وأنا الذي أستمع ،
كنت ترسل إليَّ بأوامرك ، وأنا الذي أجيب ...
وها نحن اليوم نتبادل الأدوار ..
فاليوم لن تصبح اللسان الذي يتكلم او القلم الذي يكتب
، ويأمر وينهى ، ويمدح ، ويذم ، ويغتاب ، وينم ...
إن رسالتي التي أود أن أرسلها إليك منذ ولدت بك...
هي رسالة تحمل في طياتها الكره لك ،
فأنا أكرهك .. نعم أكرهك ...
هذه هي الحقيقة ...
ولكن أما سألت نفسك لماذا أكرهك ، وأنت عضو فيّ ؟
لماذا أكرهك ، وأنت وسيلة اتصال بيني وبين الآخرين ؟
لماذا أكرهك وأنت الوحيد الذي تترجم ما يدور في داخلي !
أسباب الكراهية كثيرة ومتعددة ،
وإني لذاكر لك ما كان منك ...
أنت سبب هلاكي .. أنت سبب دماري وتعذيبي ..
أنت سبب في استحقاقي دخول النار، نعم أيها اللسان .
*النميمة ... وهي إحدى مصائبك التي رميتني بها ،
وأوقعتني بسببها في شراك المعصية ،
هل تذكر يوم كذا، وكذا، وكذا، يوم سعيت بين الناس بالنميمة ،
وتحولت حياتهم السعيدة بسببك إلى نار جهنم ،
أظنك تذكر ذلك ،
كم بيت أدخلت عليه الهم والحزن ،
وكم من صديق فرقت بينه وبين صديقه بنميمتك
التي كنت تسعى بها ،
تتظاهر بالخوف على مصالحهم ،
وأنت أشد حرصًا على تمزيقها إلى أشلاء ، لا يمكن جمع شتاتها .
*الغيبة... وهي الأخرى من جراء البلوى التي عمّت بك أيها اللسان ، فأنت تأكل لحم الناس ،
أتدري كيف تأكل لحومهم ؟
عند غيبتك للناس فإنك تأكل لحومهم ،
ويا له من لحم مر {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}
النهش في الأعراض ...
والتغامز والتلامز على الناس من ورائهم ،
وهم يحسبونك لساناً عفاً لا تتكلم إلا بالحق ..
يا لساني ... إنك نسيت قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
« من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة » ،
فضمان الجنة مرهون بك أيها اللسان .
ونسيت قوله صلى الله عليه وسلم :
« وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصاد ألسنتهم » .
فانظر إلى ذلك واعتبر ،
إن جرائمك كثيرة أكثر من أن تحصى عند البشر ،
ولكن ... تذكر قوله تعالى :
{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ الا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]
أي قول يا لساني تقوله ،
لقد كان بعض السلف في مرضه وكان يتوجع من شدة المرض ،
فقال له بعضهم :
إن الملائكة تكتب أنين المريض ،
فتوقف عن التأوه بالوجع خشية أن يكتب عليه ،
ويسجل في سيئاته ،
مريض امتنع عن التوجع ، عن إصدار كلمة (آه)
وأنت لا تتوقف ،
ولا تريد أن تتوقف عن الخوض والنهش في أعراض الناس ،
لا تتوقف عن كشف مساوئهم للناس بحق وهذه غيبة ،
وبغير حق وهذا بهتان ..
**الكذب ...
وآفة الكذب عندك أصبحت ساتراً للقناع المزيف الذي ترتديه ،
أنت تكذب في كل شيء ،
كل أقوالك لا أشعر فيها بالصدق ،
وإنما تنتشر منها رائحة الكذب ،
حتى إنني لا أستطيع أن أتحمل تلك الرائحة ،
فأنت تكذب في البيت وخارج البيت ،
تكذب على الناس ،
بل وصل بك الأمر أنك تكذب حتى نفسك
عندما تثني على نفسك خيراً ،
وتعدد بطولاتك وأمجادك المزيفة .
**ولا أريد أن أحدثك عن شهادة الزور ،
والحلف الكذب وغيرها من الأمور التي أوقعتني ،losha - www.losha.net
وأوقعت نفسك بها ،
وتابعت الشيطان وكنت له قرينا
{وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاء قِرِيناً} [النساء: 38]
وها هي الفرصة الأخيرة أعرضها عليك ،
فبادر إلى أخذها وفهمها حتى تنجو ، losha - www.losha.net
وأنجو معك يا لساني العزيز ...
--ألف حسنة كل يوم :
عن سعد رضي الله عنه قال :
" كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
« أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟! »
فسأله سائل من جلسائه :
يا نبي الله ! كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟
قال : « يسبح مائة تسبيحة ، فيكتب له ألف حسنة ،
أو يحط عنه ألف خطيئة » .
--تكفير الذنوب : عن عبدالله بن عمرو قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ما على الأرض رجل يقول :
لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله
ولا حول ولا قوة إلا بالله ،
إلا كفرت عنه ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر » .
--الابتعاد عن مجالس الحسرة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
« ما جلس قوم مجلساً فتفرقوا على غير ذكر الله عز وجل ،
إلا تفرقوا عن مثل جيفة حمار ،
وكان ذلك المجلس عليهم حسرة يوم القيامة » .
--المداومة على قراءة القرآن :
فقراءة القرآن من أعظم الذكر ،
لأن القرآن كلام رب العالمين ،
والمداومة على تلاوته تلين القلب ،
قال صلى الله عليه وسلم :
« إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب » .
ودمتم ...