مجلس التعاون هل حقق الحلم؟؟؟
د. طلال صالح بنان
يصادف اليوم الذكرى الخامسة والعشرين لإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست: المملكة العربية السعودية، مملكة البحرين، سلطنة عُمان، دولة الإمارات العربية المتحدة، الكويت وقطر. ربع قرن مضى على التجربة التكاملية لدول الخليج العربية واجهت خلالها التجربة الكثير من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، إلا أن إنجاز التجربة ـ بصورة عامة ـ يحتاج إلى وقفة للمراجعة لاستشراف إمكانات تطويرها، لتحقيق حلم الوحدة بين شعوبها .
ليس هنا مجال لتكرار الكلام عن ما يربط شعوب هذه الدول من إمكانات، قد لا تتوفر في أي منطقة من العالم، لقيام كيان كبير ومؤثر، في عصر توارت فيه صيغة الدولة القومية، لتفسح المجال أمام التكتلات الإقليمية الكبيرة، لتقوم بمهام الأمن والتنمية.
من هنا قد يكون من المفيد الحديث عن مواطن قصور التجربة، بدل الحديث عن إنجازاتها المتواضعة، مهما كانت أهميتها. ربع قرن من مسيرة التكامل الاقتصادي بين الدول الست، ولم يُنفذ ـ بعد مشروع السوق الخليجية المشتركة. الشيء الملفت، هنا والذي يجب التوقف عنده كثيراً، أن بعض دول المجلس تلجأ لإنشاء مناطق حرة مع قوى إقليمية ودولية، في الوقت الذي يتعثر فيه مشروع المنطقة الحرة بين دول المجلس..!؟ حتى مبدأ التفاوض الجماعي للوصول إلى اتفاقات في ما يخص إقامة المناطق الحرة مع مجموعات وكيانات اقتصادية دولية، منافسة، سرعان ما تفضل بعض دول المجلس أسلوب التفاوض المنفرد مع الأطراف الخارجية..!؟
قد يكون من أهم إنجازات مجلس التعاون يمكن رصده على المستوى الأمني، والذي تجلى بصورة ملفتة ومؤثرة عند إدارة دول المجلس لأزمة غزو العراق للكويت في أغسطس 1990. لقد تم اكتشاف استراتيجية الوحدة الإقليمية بين دول المجلس، التي ساعدت العالم على نجاح عملية عاصفة الصحراء. مهما كان من تطور إرادة دولية لإفشال غزو العراق للكويت، إلا أنه لا يمكن إنكار الدور المحوري السياسي والاستراتيجي لدول المجلس في إفشال ذلك الغزو.
ولكن، على المستوى الأمني، لا تزال منظومة الأمن الإقليمي بين دول المجلس، بعيدة من تطوير إمكانات ردع استراتيجية نابعة من دول المجلس. لابد لنا هنا أن نتوقف ونسأل أين وصل مشروع درع الجزيرة..!؟ الأخطر، في ما يخص الناحية الأمنية، أن بعض دول المجلس تفضل إبرام الاتفاقات الثنائية مع قوىً إقليمية ودولية قد تكون دول منافسة، أو حتى خصمة لدول المجلس وشعوبها... بل حتى عدوة، تاريخياً، للمنطقة، على تطوير معاهدة أمنية مشتركة يتمخض عنها إنشاء قوة ردع حقيقية لدول المجلس، تجاه مخاطر تقلبات الأوضاع الإقليمية وحركة السياسة الدولية، غير المستقرة.
في النهاية أين مدخلات المواطن الخليجي في التجربة..!؟ لا زالت التجربة، إلى الآن تعتمد في مسيرتها على الخط الرسمي بعيداً عن تطلعات واهتمامات ومدخلات المواطن العادي. لم تهتم التجربة، إلى الآن بمؤسسات المجتمع المدني، لتنشئ الرابطة ( الاجتماعية ) التي لابد من توفرها لضمان استمرارها.. ورفع سقف استراتيجية المحافظة عليها.
إنجازات متواضعة، تحققت خلال ربع قرن من تجربة مجلس التعاون التكاملية، تقابلها تحديات ضخمة من التوقعات على التجربة أن تتجاوزها، قبل أن التحدث عن إمكانات حقيقية للوحدة بين دول وشعوب مجلس التعاون.
الحديث عن الوحدة سهل، ولكن توفر واقع متطلبات تحقيقها، تظل بعيدة... وبعيدة جداً. ولكن يظل الأمل موجوداً طالما الحلم باقياً.
صحيفة عكاظ
JOKAR
|