مرضى السكر في رمضان.. لا تهملوا تعليمات الطبيب!

قد يتعرضون إلى حالات ارتفاع أو انخفاض ما يؤثر في صيامهم الشهر الفضيل

مرضى السكر في رمضان.. لا تهملوا تعليمات الطبيب!

مائدة الإفطار تضم العديد من الوجبات لذا يجب اختيار المفيد منها بعناية

شقراء، تحقيق - علي العطاس

يتخوف عدد من مرضى السكر مع دخول شهر رمضان المبارك من تأثير الصوم على أجسامهم مما يُجبرهم على الإفطار، فهم معرضين في أي لحظة إلى حالة ارتفاع أو انخفاض، وبالتالي تناول الأدوية اضطراراً؛ حمايةً لأنفسهم من بعض الأعراض الخطيرة.
ويخطئ بعض مرضى السكر في عدم تنظيم غذائهم سواء في وقت السحور أو الإفطار، وهو ما قد يؤثر على حالتهم المرضية بالسلب، الأمر الذي يتطلب قياس نسبة السكر أثناء الصوم وبعد الإفطار، واتباع تعليمات الطبيب حتى لا يتعرضو لمكروه، كذلك لابد أن يلتزم مريض السكر بالحمية الغذائية وعدم الانجذاب نحو موائد رمضان المليئة بالسكريات والدهنيات وبعض المواد المعقدة.

نوعان مختلفان
وقال د.يوسف الصالح استشاري ورئيس وحدة أمراض الغدد والسكري في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني بالرياض-: إنه قد يتعرض بعض مرضى السكري سواء من النوع الأول الذي عادةً يُسمى سكري الصغار ويعالج ب"الأنسولين"، أو النوع الثاني وهو ما يمثل الغالبية العظمى من الكبار المصابين بالسكري، والذي يعالج بالأقراص لفترة طويلة من الزمن قبل الحاجة ل"الأنسولين" لبعض المشاكل الصحية عند الصيام، مضيفاً أنه يستطيع معظم مرض السكري من النوعين صيام الشهر الفضيل، ويستثنى منهم من ينصحهم الفريق المعالج بعدم الصيام؛ لأنه قد يكون ضرراً عليهم، مبيناً أن مرضى النوع الأول الذي يعالج بالأنسولين منذ بدايته قد ينصحهم الطبيب خاصةً من لديهم تحكم سيء بالسكري على شكل تذبذب عالٍ ما بين ارتفاعات كبيرة وهبوط متكرر بعدم الصيام؛ كذلك قد ينصح بعدم صيام من لديهم حموضة كيتونية متكررة، وهبوط متكرر عند عدم تناول طعام لساعات عدة، أومن يحصل لديهم جفاف عند الصيام، ذاكراً أن النوع الثاني قد ينصح الطبيب من لديهم قصور كبير في وظائف القلب أو الكلى أو مشاكل طبية أخرى قد تعرضهم للخطر بعدم الصوم.




على المريض الالتزام بالحمية الغذائية وعدم الانجذاب نحو الموائد المليئة بالسكريات والدهنيات



هبوط السكر
وأوضح د.الصالح أن المشاكل التي قد تترتب على صيام مريض السكري هي؛ هبوط السكري، وهو أكثر المشاكل التي تحدث لمرضى السكري عند صومهم، فمن المعروف بأن عدم تناول الغذاء لفترات طويلة قد يؤدي إلى هبوط السكر في الدم في حال كانت هناك كمية أكبر من اللازم من "الأنسولين" في الجسم، مضيفاً أنه يتعرض مرضى السكري من النوع الأول إلى خطر الهبوط الشديد اثناء الصوم بصورة أكبر من مرضى النوع الثاني, مبيناً أن أي مريض يتناول "الأنسولين" أوالأقراص المهبطة للسكري هو عرضه للهبوط، ويزداد هذا الخطر بنسبة سبعة أضعاف لدى مرضى النوع الأول المعتمد على الأنسولين مقارنة بأربعة مرات لدى مرضى النوع الثاني، وذلك حسب دراسة كبيرة أجريت أثناء شهر رمضان المبارك، ناصحاً مرضى السكري من النوعين مراجعة الطبيب المعالج لأخذ النصائح اللازمة وقبل كل شيء الإجابة على هذه الأسئلة: هل أستطيع الصيام؟، ما هي الاحتياطات اللازم أخذها من أجل صيام بدون مخاطر؟، وماذا أفعل بأدويتي أثناء شهر رمضان المبارك؟، كيف أتناول الأقراص المهبطة للسكر؟، وكيف أتناول "الأنسولين"؟، ومتى وكم الجرعات؟، ماذا أفعل عند هبوط السكر أثناء الصيام؟.

تعديل الجرعات
وشدّد د.الصالح على أنه يجب على كل مريض بالسكري حمل مادة سكرية سريعة المفعول لتناولها حال التواجد خارج المنزل -في السيارة مثلاً- لتناولها حال هبوط السكر, مضيفاً أنه من المهم عدم الإنتظار إلى وقت الغروب لكسر الصوم حتى ولو بقي على وقت آذان المغرب دقائق قليلة، مبيناً أن الإنتظار لهذه الدقائق القليلة في حال الهبوط قد يؤدي إلى عواقب وخيمة حال عدم تناول مادة سكرية فوراً عند حدوث هبوط مستوى سكر الدم، مبيناً أنه يجب العمل على منع حدوث الهبوط في اليوم التالي بالتواصل مع أحد أفراد الفريق المعالج لتعديل جرعات العلاج أثناء السحور وتخفيف الجرعة، وذلك لمنع حدوث النزول أثناء الصيام في قادم أيام الشهر الفضيل، لافتاً إلى أن تعديل الجرعات قبل السحور يجب أن يتم قبل بداية الشهر الفضيل ولا يجب إنتظار دخول الشهر لعمل ذلك, ناصحاً بتخفيف جرعة الأدوية قبل السحور سواء كانت حبوباً مخفضة للسكري أو "الإنسولين", وقد يختلف مقدار تخفيض الجرعات من شخص لآخر، لذا وجب زيارة الطبيب قبل رمضان لمعرفة التعديلات على الأدوية بشكل عام.

حمية غذائية
وحذّر د.الصالح بأن الغذاء في رمضان يمتاز بإحتوائه على الكثير من السكريات من نشويات وحلويات وخلافه, بالإضافة إلى العديد من الأغذية المقليه الغنية و المشبعة بالدهون، لذا يجب على مرضى السكري توخي الحذر من الإفراط في تناول سعرات حرارية عالية، خاصةً عند الإفطار وما يليه من ساعات الليل، مضيفاً أن خط العلاج الأول للسكري في رمضان وغيره هو الحمية الغذائية وبدونها لا يجدي أي علاج، مؤكداً على أن النتيجة لعدم إتباع الحمية الغذائية هو الإرتفاع المفرط لسكري الدم، متأسفاً على أن الكثيرين يقضون شهر رمضان ولديهم ارتفاعات كبيرة في السكري، ذاكراً أنه في دراسة أجريناها في العام 2007م في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض شاهدنا قراءات السكري لدى العديد من المرضى فوق ال(400 ملجم/ دسل) بعد ساعتين من الإفطار، مُشدداً على أهمية المداومة على قياس السكري بعد الإفطار بساعتين, بعد تناول وجبة خفيفة بين العاشرة والحادية عشر مساءً, وبعد السحور بساعتين، وكذلك القياس أثناء الصيام في حدود الرابعة إلى الخامسة مساءً -لا يتعارض قياس السكري ذلك مع الصوم ولا يفطر حسب الرأي الشرعي-، مشيراً إلى ضرورة عرض النتائج على الفريق المعالج لضبط جرعات العلاج.

حموضة الكيتونية
وقال د. الصالح: إن "الحموضة الكيتونية" تحدث غالباً لدى مرضى السكري من النوع الأول، -لا يستثنى من ذلك مرضى النوع الثاني-، ناصحاً بتحليل البول عند الإرتفاع الكبير في السكري لمعرفة ما إذا كانت "الكيتونات" قد بدأت بالظهور، ومعالجة ذلك بأخذ المزيد من الأنسولين وشرب السوائل، مضيفاً أن الصوم قد لا يكون مناسباً للمرضى الذين تتكرر لديهم "الحموضة الكيتونية" مرات عدة خلال العام، مبيناً أن "الحموضة الكيتونية" تتطلب الحضور لقسم الطواريء إذا ارتفع السكر بصورة كبيرة فوق (450- 500 ملجم)، وكذلك الشعور بالعطش الشديد والتبول المتكرر، وكذلك جفاف الحلق و"زغللة" النظر وجفاف الجلد.

حالة تغذوية
وتحدث أ.د.عبدالعزيز العثمان -أستاذ واستشاري التغذية الأكلينيكية- قائلاً: لا أدري لماذا يفرض على مريض السكري تناول أغذية محدودة كل يوم، مما يجعله يشعر بالملل من تكرارها، مضيفاً أن أهم الأسباب هو عدم تقييم حالته التغذوية من قبل مختص في التغذية العلاجية، مبيناً أن مرضى السكر الذين لا يستخدمون الأنسولين يمكنهم الصوم بلا مشاكل صحية، سواء كانوا يستخدمون أقراص الأدوية التي تتناول بالفم التي تضبط السكر، أو يعتمدون على ضبط الحمية مع زيادة اللياقة البدنية, مبيناً أن الذين يستخدمون الأنسولين فإن عليهم التأكد من طبيبهم المعالج إن كانوا يستطيعون الصوم أم لا؟، حتى ولو كانت جرعات الأنسولين في أوقات الفطر، ذاكراً أن الساعات الأخيرة من اليوم ساعات حرجة لمريض السكر، لاحتمال انخفاض السكر المفاجئ, ناصحاً هؤلاء بتجنب عمل أي نشاط بدني زائد أو حتى النوم؛ لأن النشاط البدني يسعى على حرق المزيد من "الجلوكوز" فإن كان منخفضاً أكثر من الطبيعي فإن ذلك يؤدي إلى ما يسمى غيبوبة انخفاض السكر، وهي غيبوبة خطيرة جداً، أما النوم فأنه لا ينصح به في نهاية النهار لاحتمال أن ينخفض السكر والشخص نائم فتحدث المضاعفات دون أن يشعر بها أو يشعر بها ذووه.
ماء وسوائل
ونصح أ.د.العثمان بالانتظام في تناول الوجبات من حيث النوعية والوقت والمدة بين الوجبات، والحرص على تناول الافطار باعتدال مع تجنب السكريات، وكذلك الحرص على تناول السحور في وقته، على أن يكون الغذاء غنياً بالألياف مثل الخضروات والفواكه، مضيفاً: "أنصح بشرب الماء خاصة والسوائل عامة طوال الليل باعتدال"، مبيناً أن البعض يهتم بكمية السكر في الأغذية ولا يعرف شيئاً عن معدل تحول تلك السكريات إلى "الجلوكوز"، متسائلاً: أيهما أكثر خطراً على مريض السكر تناول العسل الطبيعي أو تناول البطيخ؟، متوقعاً أن الغالبية سيقولون العسل أكثر خطر ويجب ألاّ يتناوله مريض السكر، والحقيقة أن البطيخ أكثر خطراً على مريض السكر؛ بسبب أن السكريات الموجودة في البطيخ تتحول بسرعة الى جلوكوز وترفعه في الدم.
مؤشر جلايسيمي
وأكد أ.د. العثمان على أن "المؤشر الجلايسيمي" يقسم الأغذية إلى ثلاثة أقسام، قسم يجب منعه لمريض السكر ويصل رقم المؤشر إلى (70%) فأكثر، ومنها الخبز الأبيض والبطيخ والبوكورن، والمجموعة الثانية التي يتراوح فيها الرقم الجلايسيمي بين (55- 69%)، وهذه المجموعة يمكن تناول الأغذية فيها بحذر في حالة ارتفاع السكر، ومنها الرز والمكرونة والعسل والشوفان، أمّا المجموعة الثالثة والتي ينخفض فيها المؤشر إلى أقل من (55%) فيمكن تناول الأغذية من هذه المجموعة بلا خوف مثل الخضار والفواكه ومنتجات الحليب، مضيفاً أن ضبط وقت تناول الوجبات مهم لأن الجسم يفرز كمية محدودة من "الأنسولين" لا يستطيع تأدية عمله مع وجود كمية من النشويات، وأيضا ضبط المدة بين الوجبات، فتناول وجبات متقاربة ثم تناول وجبة بعيدة يجعل "الجلوكوز" يتركز في أوقات معينة فيرتفع في الدم وأوقات ينخفض بفعل استخدام الأنسولين.
تجارب المرضى
وقال عبدالرحمن بن محمد السمري: صادفت مشاكل بسبب عدم انتظامي في الحمية أو العلاج لكنني مع طول الوقت اكتسبت ثقافة مرضى السكري، وبدأت في المحافظة عليه قدر الاستطاعة.
وأوضح عبدالعزيز بن عبدالله البخيتي أنه حاول أن يكون صديقاً لمرض السكر، إلاّ أنه تفوق عليه بسبب عدم الانتظام، وهو ما تسبب بمشاكل عدة لعل أهمها الغيبوبة.
وأكد محمد بن عبدالرحمن أبونيان على أنه اعتمد على الحميه لمدة ثلاث سنوات، ثم صرف له الطبيب نوع من الحبوب، استعملها (10) أعوام مع الحمية، وبعدها أضاف له الطبيب المنظم، ثم تحول إلى "الأنسولين"، مضيفاً أن برنامجه الغذائي في سحور رمضان سبع حبات من التمر مع القهوة ثم عشر ملاعق من الرز الأبيض لوحده، أمّا الإفطار فثلاث تمرات مع القهوة وعلبة زبادي منزوع الدسم وكأس عصير برتقال طازج وماء، مبيناً أنه في كل رمضان يتعرض لهبوط السكر ويقطع الصيام يوم أو يومين أوثلاثة، سائلاً الله للجميع الشفاء والصحة والعافية.

من المهم قياس نسبة السكر بعد الإفطار وبعد السحور

الاعتدال في شرب الماء والعصائر الطازجة مهم جداً بعد الإفطار

أ.د. عبدالعزيز العثمان

د. يوسف الصالح

عبدالرحمن السمري

عبدالعزيز البخيتي

محمد أبونيان