دفاعاً عن رسولنا صلى الله عليه وسلم؛؛؛؛

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه اجمعين
وبعد
حزنت لما سمعت من احد الذين ابتليت بهم الأمة في هذا الزمن ونصب نفسه داعية وهو اشبه بحاطب ليل ولن اطيل عليكم وسأذكر لكم رحلة الطائف التي قام بها رسولنا صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته والتي جعلني اذكرها ردا على حاطب الليل الذي وصف هذه الرحلة المباركة بإنها رحلة فاشله 0لاوالله بل الفاشل انت وامثالك0وخذ مني الرد؛؛؛
وبه استعين
انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مصاولة أهل مكه ودعوتهم ؛فلم يستجيبوا ؛فآذوه أشد الإيذا ؛وحاربوه؛وبلغ الأذى غايته ونهايته ؛وقد أوصدوا أبواب الهداية عن نفوسهم في طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ؛وهو حريص عليهم ؛وعلى نجاتهم وفوزهم ؛فلا القريب يستجيب ؛ولا البعيد يرحم ؛ولا صاحب الرأي يحمله رايه ليفاوض هذا النبي الأمي0
تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذى الكلامي والأذى الفعلي وأذى الدعاية المشوهة لدعوته ولرسالته ولعرضه ولسمعته ولرأيه وعقله صلى الله عليه وسلم ولكن ماذا يفعل هذا الرسول صلى الله عليه وسلم ؛وهو لايعرف الياس والإحباط ؛وهذا شان الداعية الناجح ؛كلما اغلق باب يلج باباً آخر؛وإذا لم يستجب له شخص؛بحث عن آخر؛وإن أعرضت عنه قبيلة ؛توجه إلى غيرها؛وإن امتنعت عليه قرية ؛انتقل إلى قرية ثانية ؛فلايضعف أو يتخاذل ؛بل يستمر ويواصل؛
ولما لم تستجب مكة لهذا النور ولم تقبل هذه الهداية وردت أمر الله ونداءه ؛أنتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف حيث انها اقرب القرى إلى مكة0
ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحيدا بلا خدم ولاحشم ولاقافلة ولارفيق إلا الواحد الأحد ؛ليس معه إلا ثوبه وعصاه ومولاه زيد بن حارثة في أصح الروايات ؛ذهب يمشي على قدميه الشريفتين؛وهذا والله غاية الجهاد ؛وغاية البذل ؛والتضحية والعطاء للدعوة والمبدأ والحق ؛ولكنه في نهاية الرحلة وآخر المطاف ؛نصره ربه وآزره وأيده؛وانتشر نوره وهداه في العالمين ؛ومن حكمة الله عز جل أنه لم ينزل معه جنوداَمن السماء ولاجيشا يحمونه ؛ليلقى الأذى بشخصه الكريم وليكون قدوة لكل داعية؛وإماما لكل مجاهد ؛ومثالا لكل عالم؛فيصبر ويدعو؛ويتحمل ويواصل ؛ويامر بالمعروف وينهى عن المنكر ؛ثم تكون العاقبة والخاتمة لأولياء الله0
هذا اشرف خلق الله واكرمهم واجلّهم وافضلهم وارحمهم يذهب لاهل الطائف؛وهم يعبدون الاوثان كما يعبد اهل مكة الأوثان والأصنام ؛ذهب يعرض على الناس دعوته ؛ويدعو إلى الواحد الأحد ؛يدعو إلى لاإله إلا الله ؛وأن محمد رسول الله؛وصل إلى المنتدى الكبير في الطائف الذي يجتمع فيه الأشراف والرؤساء والزعماء والشعراء ؛فقد كان لهم مجلس يجتمعون فيه ؛ويتحدثون ويتفكهون ؛ويتمازحون ؛ويتضاحكون؛لأنهم ليس لهم عمل ؛فهم مكفيون بعمل الخدم من الموالي ؛وصل صلى الله عليه وسلم إلى المنتدى الكبير ؛وقصد رؤساءه ووجهاءه؛وعرض عليهم رسالته ودعوته؛وقد كان من الهيبة والعظمة والهمة مايقابل بها الملوك ؛ويهزم الكتائب ؛ويقود الجيوش؛ويخوض المعارك ؛فلا يزعزعه امر ؛او تفت عضده معضلة ؛بل يكون رابط الجأش؛ثابت البنان ؛قوي الجنان؛ويكون صابراَمحتسباَ0
وهاهو صلى الله عليه وسلم يصل إلى الطائف وكان اول مابدأ دعوته لهؤلاء بعد ان حيَّاهم ؛قال لهم(إن الله ارسلني إليكم أن قولوا:لاإله إلا الله تفلحوا)0يالها من كلمة ؛والله لو وضعت السموات السبع في كفة ميزان ؛ووضعت لاإله إلا الله في ألكفة الأخرى؛لاطاشت بهن ؛ورجحت بهن لاإله إلا الله0
فسبحن الذي أنزل هذه الكلمة الخالدة التي هي مفتاح الجنه ؛ومفتاح السعاده وهي اول مايدخل بها المسلم الإسلام والإيمان ؛وهي التي يموت عليها الموحدون0هؤلاء القوم لم يسمعوا مثل هذا الكلام من قبل ؛اول مره تقرع اسماعهم هذه الكلمات وهذه الأحرف وهم يعرفون هذا الرجل:إنه محمد بن عبد الله ؛فتاريخه ابيض ؛فهو الصادق الأمين؛ومعروف لديهم انه ابن عبدالله ابن عبد المطلب بن هاشم0
ولكن اتى الجواب من كبيرهم فقال:لم يجد الله احداًغيرك ليرسله؟وقالوا:{لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم}[الزخرف:31]0والله-سبحانه-اعلم حيث يجعل رسالته فهو-سبحانه-يعلم القلوب ؛ويعلم ان هذا يصلح للرساله؛وان هذا يصلح للدعوة ؛وهذا يصلح للعلم ؛وهذا يصلح للجهاد ؛وهكذا فهو العليم الخبيرعز وجل ؛اما العظيم عند هؤلاء القوم فهو الذي يملك الأموال 0وقد احسن من قال:رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مالُ؛؛؛؛
ومن لاعنده مالٌ فعنه الناس قدْ مالوا
اما العظمة الحقيقية في الإسلام فهي عظمة التقوى0والسجل الحافل بالاخلاق الشريفه0
وقال له الثاني:إنك متقول على الله مفترٍ؛مارسلك الله 0
اما الثالث:فتكلم بأبشع كلام وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسخر منه ؛ثم طلبوا منه يغادر الطائف؛وقد ذكر اهل العلم إنه مكث خمس عشرة ليلة يذهب الى الاسواق والمنتديات وكلما اتى جمعا حياهم ودعاهم الى لإله إلا الله؛
لكن اهل الطائف كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم وآذوه ولم يقف إيذاؤهم عند هذا الحد وكفى ؛بل تعداه إلى ان ارسلوا وراءه الموالي والصبيان ليرجموه بالحجارة ؛حتى سالت قدماه الشريفتان دما؛فسبحان الذي رفع منزلته بهذا الجهاد الشاق؛وعظم اجره بهذا النصب المضني ؛وجعل له النصر والعاقبة0
توالت عليه الحجارة والشتائم؛ولم يجد ملجأ الا بستانا فمال اليه ودخله ؛فاتى صاحب البستان وعلم خبره فرحمه ؛واخذ يقطف له عنب واعطاه إياه ؛فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسمه؟فبالرغم مما اصابه صلى الله عليه وسلم من الطرد والابعاد والشتم والسب والرجم وكل اصناف الايذاء إلا انه لايمل الدعوة فهذه وظيفته ومهمته؛فقال صاحب البستان عداس؛؟قال من اين انت ياعداس ؟)قال من نينوى 0من العراق 0قال نينوى هذه بلدة اخي يونس بن متى عليه السلام) قال عداس :من اين لك هذا ؟والله اني اتيت من العراق ولايعلم احدا باسم يونس بن متى ؛واني اتيت من بلدة نينوى ؛ولايوجد عشرة يعرفون اسم هذه البلدة نفسها ؛ذكر صلى الله عليه وسلم النبي يونس الذي ابتلاه الله عز وجل ؛وترك لنا كلمة خالدة ؛نعالج بها انفسنا واطفالنا ومرضانا كلمة عظيمة مؤثرة ؛هي حرز بإذن الله ؛{لآإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}[الانبياء: 87]
هذه الكلمة:{لآإله إلا أنت}ورثناها من ذي النون عليه السلام إنها أحب كلمة إلى الله ؛وهي كلمة التوحيد التي ترضي الله ؛ثم قال {سبحانك }يعني انزهك ان يكون في افعالك شين او عيب ؛{اني كنت من الظالمين }؛والله يحب الاعتراف بالاقتراف فإذا اقترفت اعترف: ولذا قال ابن القيم (إذا اخطأت فقل :يارب اذنبت واخطأت واسأت )0فهذا ممايحبه الله سبحانه؛ولذا قال يونس عليه السلام (إني كنت من الظالمين) فاعترف ؛فنجاه الله عز وجل من الغم
قال عداس :ومادراك بهذا؛فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا اخي نبي الله مثلي )فبكى عداس وانكب على اقدام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلها لأنه مسلم مؤمن بيونس ولأن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام -دعوتهم الإسلام ؛وكلهم اهل رسالة ؛ولكن شرائعهم شتى تختلف0
هكذا طرد رسول الله من مكة والطائف فماذا يفعل؟واين يذهب؛اقبل الليل واصبح صلى الله عليه وسلم في ظلمة وجوع واذى وتعب ونصب وهم وحزن ؛ولكن ياتي دائما ياتي الفرج في نهاية الازمة؛ولذلك إذا اتتك ازمة طامة عامة؛فأنتظر الفرج من الواحد الأحد 0
ولما بلغ صلى الله عليه وسلم القمة في المعاناة والشدة قال :التفت فوق راسي فإذا بسحابة ؛وإذا بجبريل عليه السلام يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه حكمة ورعاية من الله يترك رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يعاني من الناس ؛ثم يلطف به وينصره ويعلي قدره ؛قال :فالتفت الى جبريل فقال جبريل عليه السلام :هذا يامحمد ملك الجبال يستأذنك ان يطبق الأخشبين على اهل مكه0ولكن الرحمة المهداة يرفض هذا الأمر؛عسى ان يخرج من اصلاب هؤلاء الكفرة من يوحد الله ويعبده ولايشرك به شيئاً؛يأمل صلى الله عايه وسلم أن يكون الجيل القادم جيلا مسلما مجاهدا واعيا؛يصب دمه في معارك الإسلام ؛ويرفع الدين؛
والحمد الله فقد جاء من نسل ابي جهل وابي لهب وغيرهم من عبدة الاوثان والاصنام 0من يحمي البيت والركن اليماني ؛فهذا عكرمة بن ابي جهل 0وخالد ومصعب وغيرهم حماة الدين وابطال العقيدة قدَّموا ارواحهم ودماءهم لرفعة الدين ونصرة الملة(ولعل في هذا المقام يسأل البعض عن موت خالد بن الوليد على الفراش ولم يمت في معركه فنقول سماه الرسول صلى الله عليه وسلم سيف الله المسلول وسيف الله لاينكسر فهذه هي الحكمة والله اعلم)
وهاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا ربه ليخفف عنه مايجد من عنت طغاة الطائف وتمردهم فقد كذبوه واذوه وسبوه وطردوه فطفق يمشي وهو مهموم حزين حتى وصل الى وادي نخلة؛فأرسل الله اليه الفرج؛وعوضه خيرا مما فقد؛فهاهم الجن يأتون إليه مسلمين ؛اجتمعوا فصار الوادي جلبة وهمهمة واقبل بعضهم على بعض يتراكبون لبداً حت كادوا يلتصقون بالرسول صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الإسلام والدخول في هذا الدين 0
إنه النبي العظيم صلى الله عليه وسلم الذي خاطب الملائكة وسلم على الانبياء جميعهم وصلى بهم ؛ووصل سدرة المنتهى ؛وبيت المقدس ؛وركب البراق ورأى الجنة والنار راي العين ؛ويتكلم مع الجن ؛ويدعوهم إلى هذا الدين ؛فقالوا :نشهد أن لإله إلا الله ؛وأنك رسول الله:وهذه الرحلة المباركة اختصرته وإلا الكلام يطول لاكن احببت ان اختمه لكم بعودته إلى مكة واراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطوف بالبيت بعد عناء هذه الرحلة الشاقة المضنية ؛ولكن من يسمح له بالطواف بالبيت وبخاصة ان كفارقريش اذوه ومنعوه وطردوه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟إلى المطعم بن عدي وهو من وجهاء وزعماء قريش وطلب منه ان يجيره ويدخل في حمايته0
قال ابن الجوزي :من هوان الدنيا ان يدخل صلى الله عليه وسلم في جوار مشرك ؛حكمة من الله ألا ينزل صاعقة على الكفار او يرسل جنودا لم يروها او شيئا يسخره -سبحانه-لتدمير الكفرة ولكن لحكمة يعلمها الله عز وجل ان جعل طريق الدعوة محفوفا بهذه الاخطار0
اخذت المطعم الحمية والنخوة العربية ؛فخرج بأبنائه وسلوا السيوف وقالوا:يامعشر قريش لايعترض احد منكم لمحمد حتى يطوف بالبيت ويأوي الى اهله ؛هذه إجارة جاهية عربية من هذا الصنديد ؛ولذلك حفظها صلى الله عليه وسلم له 0وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)0اخرجه البخاري 0مع ان المطعم بن عدي كان كافرا ألا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظ له هذا الجميل فقال (والذي نفسي بيده لو كان المطعم بن عدي حيا وكلمني في هؤلاء النتنى (اي اسارى بدر الكفار)لتركتهم له)اخرجه البخاري0
هذه رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرتها لك مختصرة كما وصفتك بحاطب ليل0
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين