لقد دلت النصوص الصحيحة على تحريم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتبر العلماء ذلك من كبائر الذنوب لما في ذلك من التلبيس والتدليس والطعن في شرع الله تعالى، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم «من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار». ولذلك حرم العلماء رواية الحديث الموضوع ونسبته الى النبي صلى الله عليه وسلم دون بيان درجته أو قصد التحذير منه، الراوي والناقل في ذلك سواء لقوله صلى الله عليه وسلم «من حدث عني بحديث يرى انه كذب فهو أحد الكاذبين».
ولخطورة هذا الأمر وشدة الوعيد لمن تساهل فيه فقد وصف العلماء الأثبات والمحققون الثقات من روج لمثل هذه الاكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزندقة، كما قال حماد بن زيد (وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث)!! وحرصا من هؤلاء العلماء على حفظ السنة فقد صنفوا الكتب في تمييز صحيح الحديث من سقيمه وحذروا من الأخير ورواته ولم يقيموا لهم وزنا ولا قيمة!
وأسباب وضع الأحاديث ودواعي الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم التي استقصاها العلماء كثيرة جدا لكن أخطرها جرما وأكبرها إثما ارادة السوء بالأمة في عقيدتها وشريعتها وهذا هو صنيع الزنادقة على مر التاريخ فهم – بحق – شرذمة ملأ الحقد نفوسهم وقلوبهم على الاسلام واهله وحاولوا – بعد ان يئسوا من محاولة الزيادة والنقصان في القرآن العزيز – ان يفسدوا على الناس دينهم وعقيدتهم عن طريق الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاب سعيهم وافتضح امرهم وكشف زورهم وكذبهم على ايدي الجهابذة من علماء الحديث، وقام ولاة الأمر بتعزير الكثيرين منهم بالجلد أو الصلب أو القتل احتسابا لله وصيانة لسنة رسوله وغيرة له.
وأما القرائن التي يعرف بها الحديث الموضوع اضافة الى كذب رواته فهي كثيرة جدا اهمها ان يكون نص الحديث مناقضا لصريح القرآن والسنة كحديث «لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه» فهو مخالف لكل آيات التوحيد الدالة على ان النفع والضر بيد الله وحده بل هو دعوة صريحة للوثنية التي حاربها الإسلام وأبطلها القرآن، وكالحديث الذي وضعه الزنديق محمد بن سعيد الشامي (أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله) فهو مخالف لقوله تعالى في وصف النبي: {ولكن رسول الله وخاتم النبيين} دون ذكر الاستثناء ويخالف ايضا قوله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} وقوله صلى الله عليه وسلم في بيان فضله على سائر الانبياء (وختم بي النبيون) وهذه كلها نصوص محكمة قاطعة في نفي النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم.
ومنها حديث (لولاك يا محمد لما خلقت الأفلاك) فهو يصادم قوله تعالى {وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون} وقد نص علماء اللغة ان الاستثناء (ألا) اذا جاء بعد النفي (ما) فإنه من ابلغ اساليب الحصر فالله خلقنا لنعبده لا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم وعلماء السنة متفقون على انه حديث مكذوب واني اتحدى ان يُذكر لي عالم محقق معتبر من أهل السنة يقول بصحة هذا الحديث وثبوته، ومن يقل هذا فانه يروج الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والثانية كذبه على علماء اهل السنة والجماعة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول «ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا»!!.
ان الواجب على الدعاة والكتاب المنصفين الغيورين على شرع رب العالمين وسنة سيد المرسلين وان يطهروا السنة من هذا الغثاء وان يتصدوا لمثل هذه الاكاذيب خاصة اذا لاحظنا جهل العامة من المسلمين وغفلة الكثيرين منهم بحيث لا يفرقون بين الغث والسمين مما ينقله البعض فيظن العامة انه صحيح ومن صميم الدين وعلى المسؤولين في البلد واجب الحسبة المتمثل بـ(الحجر الشرعي) على كل متعالم او صاحب هوى يسعى لإفساد العقائد ونشر بيانات التطرف بين عموم المسلمين حتى البعض صدق فيه المثل العامي (قالوا له من امرك قال من نهاني)!!.
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم 
العرض الشجري
