الحمد لله القوي المتين , القاهر الملك الحق المبين , لا يخفى على سمعه خفُّي الأنين, ولا يعزب عن بصره حركات الجنين , ذل لكبريائه جبابرة السلاطين, وقضى القضاء بحكمته وهو أحكم الحاكمين , أحمده حمد الشاكرين , وأساله معونة الصابرين, واشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له في الأولين والآخرين, واشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على العالمين ، إمام المرسلين ، وقائد الغر المحجلين ، من اتبع هديه وسار على نهجه ..فاز ونجا من عذاب مبين ، ومن حاد عن طريقه أوشذ باء بخسران ووبال مهين...
وبعــــد
قال الله تعالى ..
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْـخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ}
[ آل عمران: 104].
و[عن أبي هريرة أن رسول الله مرَّ على صُبْرة طعامٍ، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: "مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟". قال: أصابته السماء يا رسول الله. قال: "أَفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي".]
أجل..كان نبينا عليه الصلاة والسلام،
أول محتسب في حضارتنا الإسلامية العريقة ،
.. يامن ترفض مبدأ الاحتساب !، أو تحدده بفئة معينة
( وإن كان لابد صائر ! .. فلا تحجِّموا دورهم ولاتدنوا من قدرهم ، ولا تقصوهم عن مجتمعهم ، ولا يكون عملهم داخل أروقة مكاتبهم وحسب ! بل نريده في ساحاتنا، نريدهم ليوثاً تزأر في وجه كل من أراد العبث بأمننا وعفتنا وطهرنا ...،
وإلا فالجميع مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل بحسبه .. بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن )
.. ولنا في رسولنا عليه الصلاة والسلام وآله وصحابته خير أسوة ،
إمام المحتسبين ، ومعلم السابقين، والحاضرين، والقادمين .. إلى قيام الساعة ..
فقد عيّن عليه الصلاة والسلام على سوق مكة بعد الفتح ، سعيد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه ، ذلك لما للحسبة من أهمية وشأن في سياسة الدولة الناجحة ، وتأطيراً لأمنها بإطار الشرع وهيبة الحاكم العادل ، المتلمّس لحاجة الناس، وتحقيق الطمأنينة لهم ، ودفع الضر عنهم .. وكبح جماح عدوانيتهم وشهواتهم ..
وذكر ابن عبد البر أن سمراء بنت نهيك الأسدية رضي الله عنها ، أدركت النبي عليه الصلاة والسلام وعُمِّرت ،
فكانت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، بل كان معها سوطاً تؤدب به ! وذكر ابن الجوزي أن سيدنا عمر رضي الله عنه أبقاها على عملها وكان يمر
عليها إذا دخل السوق في مكان عملها ..!..
ولانغفل عن أسد الله سيدنا عمر رضي الله عنه ، كان من أشد المحاربين للغش ، الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر ،
كان يدخل السوق (ومعه الدّرة) لمحاربة الجشع وضبط الأوضاع بين المسلمين .. ! ولا غرو ..
وهلم جرا ..، حتى عهدنا اليوم .. ولله الفضل والمنة .. ولا غرو في ذلك ( كفانا الله من يعمل على زوالها !! وثبّت دعائمها حتى قيام الساعة )
فهلا اتخذناهم أسوة مدى الحياة !؟
فهم والله صنعوا لنا قنطرة العبور ، وابتنوا سفينة النجاة .. التي وللأسف بدأت تتسع خروقها ! وصرنا نخشى الهلاك ،!
.. ليس بسر ما نعانيه اليوم من عالم يعجّ بأنواع المغريات ، والملاهي الغير منضبطة ، بل المحسوبة على ديننا ، وقد شاهدنا في الآونة الأخيرة ما حدث في بلاد الحرمين الغالية علينا جميعاً ، والتي لا يرضى من في قلبه إيمان وغَيْرَة ، أن تُمَسَّ بشرٍّ وفيها مهبطُ الوحي ، وقبلة المسلمين ، وثراها يضم جدث أشرف وأطهر وأزكى الخلق نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ..
ومما هو مألوف أن لكلّ أمر جماله و رونقه ، في بداية ظهوره ، مثلاً .. الجنادرية ضمت أثراً من أجدادنا رحمهم الله ، واستهوت الكثير من الزوار ، من الداخل والخارج وبالتأكيد مثلت دخلاً اقتصاديا لا بأس به لمن شارك ،
فُتح المجال للزيارة بنظام ، فتطوّر من وضع قد يكون أفضل حالأ من الآن ( مع تحفّظي على ذهاب النساء وبعض المظاهر من الأصل )
كيف كان التغير ؟! ..
نشط الأعداء !‘ الذين لايخفون على ذي لبّ ، وقد أحزنهم ، بل قتل قلوبهم مارأوهُ من محافظة في بلادنا ، فأرادوا دسّ السم في العسَل ، واستقطبوا كلّ ما استطاعوا من جندهم ، ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره ، ويكشفهم ..
نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن ( الحسبة ) كشدٍّ وجذبٍ وحسبْ ، أو الجنادرية بحد ذاتها .. بل نودّ وضع الأمور في نصابها ، ( بصفة عامة ) ومحاولة تدارك الوضع قبل حلول النقم ، فليس بيننا وبين الله نسب !.. وما ربّك بظلاّم للعبيد ، والعذاب إذا حلّ عمّ الصالح والطالح .. فإن لم يكن بيننا من له سلطة على التغيير ،
فنرجوا أن تكون قد برئت ذممنا أمام الله جل وعلا بإنكارنا لما حدث ، ويحدث ، وسيحدث ! إلا أن يشاء الله ويتداركنا برحمته وعفوه وحفظه ..
ونجاتنا بتطبيق ماجاء في هذا الحديث الشريف ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { اجتنبوا السّبع الموبقات ، قيل يا رسول الله وما هن ؟ قال الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات }
نحن نهوى بلادنا ولا نراهن على ذلك ، أو نزايد على حبه ، بل سندافع عن عقيدتنا وحجابنا وعفتنا وطهرنا وسلامة أرواحنا ومقدساتنا وأراضينا بما نملك ، وندين الله بذلك .. ولن نسمح لأي دخيل علينا
( من الداخل أو الخارج أياً كان ) أن يفسد فيها ، لا قولاً ولا عملا .. ،
ختاماً ..
سدد الله الخطى ، وأزال عنا العمى ، وألزمنا طرق الهدى ،
وأورثنا الجنة نتبوأ منها ما نشاء ونهوى ، ووالدينا والمسلمين إلا من أبى !.. مع النبي المجتبى ~ آمين
الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحابته أجمعين ~.
العرض المتطور
