بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
ذكر الله تعالى
ذكر الله تعالى ، منزلة من منازل هذه الدار ،
يتزود منها الأتقياء ، ويتّجرون فيها ، وإليها دائما يترددون ،
الذكر قوت القلوب الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبورا ،
وعمارة الديار التي إذا تعطلت عنه صارت دورا بورا ،
وهو السلاح الذي يقاتل به قطاع الطريق ،
والماء الذي يطفأ به لهب الحريق .
بالذكر رعاكم الله
تُستدفع الآفات ،
وتستكشف الكربات ،
وتهون به على المصاب الملمات ،
زيّن الله به ألسنة الذاكرين ، كما زيّن بالنور أبصار الناظرين .
فاللسان الغافل ، كالعين العمياء ، والأذن الصماء ، واليد الشلاء .
الذاكر الله جلّ وعلا
لا تدنيه مشاعر الرغبة والرهبة من غير الله ،
ولا تقلقه أعداد القلة والكثرة ،
وتستوي عنده الخلوة والجلوة ،
ولا تستخفه مآرب الحياة ودروبها .
ذكر الله عز وجل
باب مفتوح بين العبد وبين ربه ، ما لم يغلقه العبد بغفلته .
قال الحسن البصري رحمه الله :
تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء :
في الصلاة ، وفي الذكر ، وقراءة القرآن ، فإن وجدتم ، وإلا فاعلموا أن الباب مغلق .
أيّـها الأحبة الكرام أعضاء المنتدى والزوّار الكرام للمنتدى:
إن الذنوب كبائرها وصغائرها لا يمكن أن يرتكبها بنو آدم ،
إلا في حال الغفلة والنسيان لذكر الله عز وجل ؛
لأن ذكر الله تعالى ،
سبب للحياة الكاملة التي يتعذر معها أن يرمي صاحبها بنفسه في أتون الجحيم ،
أو غضب وسخط الرب العظيم ،
وعلى الضد من ذلك ، التارك للذكر ، والناسي له ، فهو ميت ،
لا يبالي الشيطان أن يلقيه في أي مزبلة شاء .
قال تعالى : ( ومن يعْشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين )
سورة الزخرف آية رقم 36
وقال تعالى :
( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى )
سورة طه آية رقم 124
قال ابن عباس رضي الله عنهما :
الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله خنس .
وكان رجل رديف النبي صلى الله عليه وسلم على دابة ،
فعثرت الدابة بهما ،
فقال الرجل: تعس الشيطان ؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
((لا تقل : تعس الشيطان ؛ فإنه عند ذلك يتعاظم حتى يكون مثل البيت ،
ولكن قل : بسم الله . فإنه يصغر عند ذلك حتى يكون مثل الذباب ))
رواه أحمد وأبو داود وهو صحيح .
وحكى ابن القيم رحمه الله عن بعض السلف ، أنهم قالوا :
إذا تمكن الذكر من القلب ،
فإن دنا منه الشيطان صرعه الإنسي ، كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان ،
فيجتمع عليه الشياطين ، فيقولون : ما لهذا ؟ فيقال : قد مسه الإنسي .
هذا وللحديث بقية
فعسى الله أن ينفع به
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب