هذه النشالة ليست مجرد متهمة عادية.. حكايتها غريبة لم تكن بداية حياتها تشير الى انحرافها بل قاومت بشدة ان تدخل عالم الجريمة مثل أخويها وجدت نفسها وحيدة بعد وفاة والدها..
أمها كانت تتفنن في تعذيبها حتى هربت وتركت البيت لكن حظها أوقعها مع نساء محترفات للنشل علموها داخل وكرهن خفة اليد وخفة الظل وخفة الحركةوبعد شهور قليلة خرجت منى الى الشارع لتمارس نشاطها الجديد فتحولت الى أخطر نشالة لكن الفتاة حديثة العهد بهذا السلوك أرادت ان تنتقم من أمها في أشخاص الضحايا اختارت النساء العواجيز وأصحاب المعاشات البسيطة وكل امرأة تشبه أمها في العمر أو الملامح .
ما هي قصة منى وكيف تحولت الى هذا المنحنى الخطير في حياتها وكيف وقعت في قبضة المباحث.. الراية التقت بالفتاة صاحبة القصة الغريبة لتقدم نموذجاً للفتاة التي تصبح مجرمة رغم أنفها وتشمل صحيفة سوابقها 45 سابقة.
وداخل تخشيبة قسم شرطة المنيا كانت النشالة منى تنزوي بأحد أركان غرفة الحجز تحاول ان تدفن رأسها وسط كفي يديها يبدو انها تحمل هموماً تنوء بحملها الجبال.. رغم انها ليست غريبة على هذا المكان. ضابط المباحث ومعظم المجرمين يعرفونها جيداً فهي واحدة من أخطر النشالات التي ذاع صيتها في ربوع المحافظة خلال السنوات الماضية كل النشالات يحكين عنها وعن مهارتها الفائقة في استقطاب ضحيتها ونشل ما معها من أموال أو مجوهرات دون أن تشعر رغم أنها ترفض الحديث الى الصحافة لكنها عندما علمت بأن النشر سيكون في صحيفة قطرية اسمها الراية رحبت وراحت تتحدث وقالت اسمي منى انا لست مجرمة انا انسانة من لحم ودم قبل ان اتجاوز السابعة من عمري بدأت اعرف طعم الحياة كنت أكثر أشقائي حظاً من تدليل وحب أبي العامل البسيط وأمي ربة المنزل لكن القدر لم يمهلنا كثيراً مات أبي وأنا صغيرة بموته كانت نهايتي كشرت أمي عن أنيابها بدأت تقسو علي على أهون سبب لم تغفر لي أي خطأ في نفس الوقت انزلق شقيقاي الى عالم الجريمة قطعا صلاتهما بنا... المنزل بالنسبة لهما أصبح مجرد ترانزيت سريع لم تستطع أمي ان توقف زحفهما نحو عالم الضياع فقدت الامل ومن هنا ولد الخوف قلبها على... لم تعد تتركني لحظة واتحرك تحت قيود وحراسة مشددة منها حتى داخل المنزل وأي خطأ تقابله بعنف يرعبنى وترتعد معه فرائصي!!! لم أجد القلب الحنون الذي يحتويني ويربت على كتفي... افتقدت من يسدي الي النصيحة التي تخلصني من مخاوفي وأعود الى إدراك كل المعاني... زادت امي من قسوتها علي... لم أعد احتمل آلام العصا الغليظة التي تهوي على ظهري.. وقدمي فتفقدني القوى وتفجر صرخاتي رغماً عني.. لم أجد طاقة تساعدني على كتم آهاتي او حبس دموعي الحائرة في مقلتي.. خطفتني النداهة... اخذتني من مخاوفي هربت لأول مرة من منزل امي منذ ثماني سنوات.. همت على وجهي في الشوارع.. عرفت طعم الجوع عندما نهش احشائي... عرفت معنى التشرد عندما وجدت الدنيا أوصدت أبوابها في وجهي إلا الرصيف... تلتقط من دموعها بعد ان فتحت لها عيناها أبواب الحرية وتكمل... أفكار حيرى كانت تدور في رأسي وقتها... ورصيدي في خبرة الحياة صفر... شدني الحنين الى أمي... عدت إليها بعد يومين استعطفتها... توسلت إليها ألا تؤذيني وحكيت لها سبب هروبي من المنزل ظننت ان أمي قد وعت الدرس ولم تعاود الكرة في تعذيبي لكنني كنت واهية.
الظروف كانت أقوى من احتمالات طفلة صغيرة في مثل سني... كررت أمي تعذيبها لي بوحشية أكثر من ذي قبل وبالطبع لم أجد أمامي سوى الهروب.
التقطتني امرأة في العقد الثالث من عمرها.. وجدتني أبكي على الرصيف.. اقتربت مني وتعرفت علي جذبني وميض ساحر.. يطل من عينيها اللامعتين.. أمسكت بيدى لمنزل أسرتها... داخل المنزل اكتشفت أنني داخل جامعة تشبه الحياة... أطفال كثيرون في سني يتلقون دروساً في السرقات والنشل.. يدربونهم على أحدث الوسائل... خلال أيام كنت قد أصبحت أهم تلميذة في مدرسة النشل الخطيرة... في البداية كنت أخرج للنشل مع سيدة كبيرة لتدريبي عملياً في مسرح العمليات... كانت تركز نشاطها في الأماكن المزدحمة بالسيدات داخل الأسواق..
بعدها أصبحت اعتمد على نفسي وثقتي بنفسي جعلتني نشالة خطيرة حتى وقعت في قبضة رجال المباحث وكنت أعلم انني مطاردة من المباحث منذ دخولي قلعة النشل... أمرت النيابة بحبسها وإحالتها الى محاكمة عاجلة.
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم 
العرض الشجري
