هل أنت مصاب بجنون التسوق؟
في العصر الماضي كانت كل المحلات التجارية الكبيرة منها والصغيرة تعرض بضاعتها بعيداً عن متناول اليد – أي في فترينات زجاجية مقفلة – وإذا أردت فحص أي بضاعة لمعرفة مدى جودتها ونوعيتها وبأي بلد صنعت يجب عليك طلبها من صاحب المعرض أو من يعمل معه من الموظفين العاملين بالمحل، وعلى هذا الموظف تقع مسؤولية بيع السلعة، فهو الذي يحدثك عن مدي جودتها وعليه تقع مسؤولية مفاصلتك في السعر، وكانت هذه هي الطريقة التي يتم بها البيع والشراء في العصر السابق.
أما عملية التسوق الحالية فهي التي تم اكتشافها مؤخراً حين قرر أحد المسوقين طريقة البيع المباشر بوضع الأسعار على السلع، والنوء بعيداً عن الزبائن؛ أي ترك الزبون يفاوض نفسه بنفسه وهل السعر المعروض يوافق الزبون؟
مما لا شك فيه فإن البعض يعبثون بالبضاعة وتحدث بعض الخسائر، ففي بادئ الأمر احتاج أصحاب تلك الأسواق لعدد من الموظفين يجلسون فقط للمراقبة حتى لا تحدث خسائر فادحة، ولكن بطول الزمن أصبح الزبون يتعامل مع البضاعة بالصورة الحضارية ولا يفتتها ولا يفض صناديقها.
إن عملية المناقشة والمفاضلة في ثمن السلعة ربما يأخذ زمناً طويلاً، وأحياناً ربما يزيد صاحب السلعة في ثمنها إذا أدرك بحدسه أن الشاري يحتاج لهذه السلعة بصورة جادة وأنه بصدد شرائها، وبما أن هذا العصر هو عصر السرعة فإن الإنسان لا يحب النقاش وكثرة الكلام، وحيث إن السلعة في متناول يده يتحسسها ويدرك مزاياها وينظر لمصدر الصنع، فإذا اقتنع بها يأخذها فوراً.
إن الرجل الذي بدأ بالتعامل بهذه الطريقة كان مجازفاً، لأن البعض يعبث بالبضاعة بحيث يعرض الكثير منها للتلف، خصوصاً المحلات التي تعرض مأكولات غذائية.. حيث يعمد البعض لتذوق كل فاكهة أو خضار، والبعض يعمد إلى سرقة بعض مما خف وزنه وسهل إخفاؤه ما بين الملابس.
ولكن التقنية الحديثة كانت خير عون لأصحاب تلك الأسواق.. حيث صمموا كاميرات دقيقة تصور كل زبون بداخل المحل وتوضع على السقف بحيث لا يلاحظها الزبون، وهنالك في غرفة المراقبة من يشاهد عدة شاشات تنظر للزبائن وهم يتسوقون وماذا يفعل كل واحد منهم.
إن المسوق المكتشف لهذه الطريقة ارتكز على نظرية "بيع أكثر عدد من البضاعة بسعر أرخص" –هذه النظرية جذبت إليه الزبائن– وارتكز على نظرية تقول: "بيع كثير وربح قليل" - وحينما يتعود الزبون على الشراء من مكان يدرك أنه يضع أقل الأسعار فإنه سوف يكون مرتبطاً به دوماً.
وهنالك مزايا أخرى لمثل تلك المحلات ألا وهي توفير كل أنواع البضائع، هذا إلى جانب التزام تلك المحلات بعرض البضائع الجديدة وذلك لأن البضاعة دوماً مرغوبة لقلة سعرها فإنها عادة ما تنفد في أقرب فرصة ممكنة، مما يجعلها دوماً تعرض بضاعة جديدة.
هذا إلى جانب تنافس الشركات في عرض بضاعتها، فإن مثل هذه الأسواق تعرض لكل شركة منتجاتها والشركة التي تقلل من أسعارها هي الشركة الفائزة ببيع أكثر لمنتجاتها.
هل تدرك عزيزي الزبون أن هنالك أخصائيين اجتماعيين يعملون في مثل تلك الأسواق؟ هذا إلى جانب علماء نفس لسبر غور نفوس الزبائن وما أنسب الطرق لجعل الزبون يشتري أكثر!
إلى جانب أولئك نجد عادة ما يستشير أصحاب الأسواق الكبرى والضخمة - علماء الاقتصاد- علماء النفس الاجتماعيين لأنسب الطرق لجعل تلك الأسواق أكثر ارتياداً من الناحية الاجتماعية بوجود بعض الأماكن الخاصة بالجلوس وتبادل الحديث - المقاهي والمطاعم، هذا إلى جانب علماء نفس البيئة، ولابد من استشارة المهندسين لمكان السوق، ووجود كل الوسائل المريحة للزبون من مواقف للسيارات، وسهولة انسياب السيارات في الدخول والخروج من السوق.
محبو الأسواق
نسبة للتسهيلات التي تقدمها تلك الأسواق وتنافس الشركات في الأسعار - فإن بعض الزبائن أصابهم نوع من الشره في الشراء، حيث إنهم أصبحوا دائمي البحث عن الأسواق التي تقدم أسعاراً أقل، وصاروا يكونون جماعة تهتم بمكان التخفيض الأقل ويخابرون بعضهم البعض بمكان السوق الأقل سعراً.
إن محبي التسوق ازداد عددهم مؤخراً، فالأسواق تفننت في أساليب العرض، وازداد التنافس في تخفيض الأسعار مما جعل بعض محبي التسوق يتجمعون ويحاولون تكوين اتحاد يجمع بينهم حتى تكون لهم الأولوية في التخفيضات التي تعلن من قبل الأسواق الكبرى ليتوجهوا للشراء.
وإننا نجد بعض الأسواق الصغيرة تعمد للشراء من تلك الأسواق الكبيرة، حيث إنها تقدم أسعاراً أقل من أسعار الجملة - فيشترون بصورة كبيرة، مما يعرض بعض السلع المعلن عنها في التخفيض إلى النفاد من ثاني يوم مثلاً أو من ثالث يوم.
إن محبي التسوق عادة ما يذهبون للسوق ولا يضعون في أذهانهم ما هي البضائع التي يحتاجونها، ولا يسجلون تلك البضائع في نوتهم، بل يذهبون ويمحصون ويقضون أكبر وقت ممكن في شراء ما يريدون من البضائع، أما الذين ليس لديهم رغبة في التسوق، فإنهم عادة ما يذهبون للسوق ولديهم قائمة بأنواع البضاعة المطلوبة، ويعمدون لشراء تلك البضائع فقط ولا ينظرون لبضائع أخرى، بحيث يشترون بضائعهم المسجلة فقط ومن ثم يخرجون من السوق.
ترجمة: يوسف وهباني
|