في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال: «مالك يا أم السائب أويا أم المسيب تزفزفين؟ قالت: الحمى لا بارك الله فيها، فقال: لا تسبى الحمى فإنها تذهب خطايا بنى آدم كما يذهب الكير خبث الحديد».
نقف وقفات سريعة مع فقرات هذا الحديث الشريف:
وفي البداية نجد من هذا الحديث جواز عيادة الرجال النساء وبالعكس طالما كان ذلك في أدب الإسلام ووقار الزى والسلوك.
وحدثت السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما قالت فدخلت عليهما قلت: يا أبت كيف تجدك؟
وعندما استفسر الرسول الكريم من هذه المرأة الأنصارية عن سبب علتها قالت «الحمى».
وقد جاء في صحيح الحديث: «إن الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء».
والمعنى أن ارتفاع حرارة المحموم يشبه حر نار جهنم تنبيها للنفوس على شدة حر النار في الآخرة، فإن نار الدنيا تذكر بنار الآخرة ولهذا قال الله تعالى:
(أفرءيتم النار التي تورون أْأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤون نحن جعلناها تذكرة ومتاعاً للمقوين).
ومن الأدب أن نقول في اليوم الحار: ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرنا من حر نار جهنم.
وإطفاء الحمى بالماء، قيل هو ماء زمزم، وقيل مطلق ماء، وذلك بأن يتوضأ أو يضع بعض الكمادات الباردة على أطرافه لتخفيض الحرارة.
وقال صلى الله عليه وسلم للمرأة: «لا تسبي الحمى».
وهنا أدب يجدر بالمسلم أن يأخذ نفسه به، وهو ألا يدعو على شيء مطلقاً ولا يسب شيئاً مطلقاً حتى الحيوان.. وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم رفض أن تصاحبه في سفر ناقة لعنها صاحبها، وقال: لا يكون اللعانون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة.
فإن كل ما يصيب المسلم يكون تكفيراً لخطاياه وعلينا أن نستشعر حكمة الله في الوجود وحكمته في التدبير وأن نشكر عند الرخاء ونصبر عند البلاء، وبذلك نفهم قوله صلى الله عليه وسلم: «فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد».
فكل ما يصيب المسلم يكون تكفيراً لخطاياه، طالما استشعر المسلم حكمة الله في الوجود وحكمته في التدبير.
وفي الحديث الشريف: «ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة».
والإنسان في الحياة معرض للابتلاء بأنواع شتى، منها ما يسر ومنها ما يسوء كما قال جل شأنه: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة).
وشأن المسلم أن يشكر عند الرخاء ويصبر عند البلاء.
قال الله تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
وقال صلى الله عليه وسلم «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن».