03-03-2007, 02:01 PM
|
#1
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 3319
|
تاريخ التسجيل : Aug 2006
|
أخر زيارة : 12-08-2016 (11:16 PM)
|
المشاركات :
269 [
+
] |
التقييم :
50
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
لا ظلم في حسنة أو سيئة
عن أنس ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:«إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة؛ يعطى بها في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر: فيطعم بحسنات ما عمل لله تعالى في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها » رواه مسلم.
هذا الحديث الشريف: يبرز عدالة الله تعالى بين خلقه؛ فالمؤمن لا يظلم حسنة عملها ؛ حيث يعطى بها رزقاً في الدنيا، وجزاء في الآخرة والكافر لا يظلم حسنة عملها كذلك؛ فهو يطعم بها في الدنيا، ولا يجد شيئاً يجزى به في الآخرة؛ وصدق الله العظيم إذ يقول: «من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه، ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها، وما له في الآخرة من نصيب» وإذ يقول: «قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا».
وفيه من اللطائف البلاغية ما يلي:
1 ـ جاءت عبارات الحديث الشريف واضحة الدلالة، فصيحة الألفاظ، متينة التركيب، منظمة التقسيم؛ تؤكد حيث يستدعي المقام التأكيد، وترسل حيث لا يستدعي المقام ذلك التأكيد، وقد وضعت ألفاظها في أماكنها التي لا يحل فيها غيرها؛ فناسبت الألفاظ المعاني؛ واختارت المعاني ألفاظها.
2 ـ التأكيد بأن وباسمية الجملة في قوله: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة)، مع أن هذا الخبر الذي أكده النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يكذبه فيه أحد من المسلمين، إلا أن الحسنة الواحدة لما كانت مظنة أن يؤبه بها، ولا ينظر إليها، ولا تحتسب في نظر الخلق، أكد النبي- صلى الله عليه وسلم- هذا الخبر بأن وباسمية الجملة؛ لأن الله تعالى لا يظلم الناس شيئا ولو كان مثقال ذرة؛ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
والتنكير في (حسنة) للإفراد؛ أي حسنة واحدة. وقد خلت الجملتان: (يعطى بها في الدنيا) و(يجزى بها في الآخرة) من التأكيد: لأن عطاء الله تعالى في الدنيا، وجزاءه في الآخرة لا ينبغي لأحد أن ينكرهما؛ لوضوح الأدلة على عطائه وجزائه؛ فليست الجملتان في احتياج إلى تأكيد !
3 ـ الفصل بين جملة: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة) وبين جملتي: (يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة) لما بينهما من كمال الاتصال؛ فقوله: (يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة) بيان لقوله: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة).
4 ـ الإيضاح بعد الإبهام أو التفصيل بعد الإجمال: فقد أبهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عطاء الله في الدنيا وجزاءه في الآخرة أو أجمله في قوله: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة) ثم وضحه وفصله في قوله: (يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة) فبدأ المعنى في صورتين إحداهما مبهمة، والأخرى موضحة فازداد المعنى بذلك تقريرا وتمكناً في النفس، وكملت لذة العلم به ـ كما يقول البلاغيون ـ .
5 ـ مناسبة الألفاظ للمعاني: في الحديث الشريف نجد الأفعال: (يعطى) (يطعم) (يجزى) وقد استخدم النبي- صلى الله عليه وسلم- (العطاء) و(الجزاء) في جانب المؤمن ولكنه استخدم (الإطعام) في جانب الكافر كما أنه قد استخدم بالنسبة للمؤمن: (العطاء) في الدنيا و(الجزاء) في الآخرة.
وإنما استخدم مع الكافر(الإطعام) لأن الكفار الذين يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر هم ـ في الحقيقة ـ كما وصفهم الله تعالى: (كالأنعام بل هم أضل) فلا يهمهم في الدنيا إلا ما يملأون به بطونهم، ولا يهمهم ما يدخر لآخرتهم لأنهم لم يؤمنوا بها أصلا.
وقد استخدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع المؤمن (العطاء) في الدنيا؛ لأن العطاء هنا يقصد به نعم الله التي لا تحصى على عباده؛ وأهمها نعمة الإسلام. واستخدم (الجزاء) في الآخرة؛ لأن الآخرة هي دار الجزاء ولكن الدنيا هي دار العمل؛ فناسب العطاء للدنيا، وناسب الجزاء للآخرة، كما ناسب الإطعام للكافر.
وجاءت الأفعال: (يعطى) (يجزى) و(يطعم) أفعالاً مضارعة؛ لأن عطاء الله تعالى متجدد لا ينتهي وفي (يجزى) استحضار لصورة الجزاء في الآخرة، وفي (يطعم) استحضار لصورة الكافر وهو يطعم كما تطعم البهائم.
6- ومن المحسنات البديعية في الحديث الشريف: حسن التقسيم: لأن الحسنة إما أن تكون من مؤمن وإما تكون من كافر؛ وثوابا: إما أن يكون في الدنيا، وإما أن يكون في الآخرة؛ وكذلك الطباق بين (المؤمن) و(الكافر) و(الدنيا) و(الآخرة).
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|