الى الخمسين بدون خوف ( للنساء فقط )

جسدك يتغير.. ونفسيتك أيضا
اكتئاب.. انفعال.. حيرة.. ارتباك

سن اليأس هي السن التي تتوقف فيها الدورة الشهرية عند المرأة، ويحدث هذا التغيير نتيجة توقف المبيضين عن إنتاج الهرمونات الأنثوية (الاستروجين والبروجسترون) مع تقدم المرأة في العمر. لعل تسمية هذه المرحلة العمرية بسن اليأس غير دقيقة. فالمسمى اتى من كون المرأة خلال هذه المرحلة تصبح يائسة من الانجاب، ولكنها لاتزال قادرة على الاستمتاع بحياتها الجنسية أو الاجتماعية.
سن اليأس ليست حالة مرضية حتى ترتعد منها النساء، بل هي مرحلة انتقالية طبيعية بيولوجية، مثلها مثل البلوغ، والمراهقة، واليأس من الانجاب حقيقة بيولوجية، يجب أن نتعامل معها ونتفهمها، ليس أكثر ولاأقل.

عندما تدخل المرأة في سن اليأس وانقطاع الطمث أو قبله بحوالي السنة. تظهر عليها أعراض الاكتئاب والانفعال والحيرة والارتباك. وهذا الأمر متوقع لما بين الثلث والنصف من النساء اللواتي يعانين هذه التغيرات النفسية في فترة انقطاع الطمث او تلك التي تسبقها.
وفي هذا الموضوع يقول الدكتور توماس ستتفورد إن فترة انقطاع الطمث محفوفة بالعديد من التغيرات غير المرغوب فيها وكذلك بعض تلك التي ستفتح للمرأة فرصا جديدة.
والمشكلة التي تواجه الاختصاصي هي التفريق بين النساء ممن لديهن ميل بطبيعتهن إلى الشعور بالقلق او الاكتئاب وبين أولئك المصابات أساسا بالاكتئاب المرتبط بمرحلة انقطاع الطمث.



كيف تفرق؟
ويضيف الدكتور ستتفورد انه وضع أسلوبا خاصا به يستخدمه للتفريق بين الحالات. وذلك عن طريق وصف العلاج الهرموني بالاستروجين والبروغستيرون والتستوستيرون، قبل اللجوء إلى وصف أدوية الاكتئاب. ويؤكد ان التغير في نسبة هذه الهرمونات الجنسية للمرأة تؤثر في الجهاز العصبي الذي يسيطر على المزاج، وعن طريق تغير مستوى السيروتينين والاستجابة للدوبامين. لذا فالطبيب يبدأ اولا بفحص الحالة النفسية للمرأة، للتفريق بين انخفاض الرغبة الجنسية بسبب الشعور بالألم وعدم الارتياح وبين تلك المتعلقة بالأسباب النفسية للاكتئاب، وكل ذلك يؤدي إلى تقييم التغيرات المعقدة في كيمياء الدماغ المصاحبة لفترة انقطاع الطمث.



عواصف هرمونية تقصف الدماغ
وقد اثبت الفحص عن طريق تصوير الدماغ حقيقة الافتراض القائل ان دماغ المرأة يتعرض لقصف من العواصف الهرمونية التي تتفاوت من حيث القوة او الوتيرة وذلك وفقا للدورة الشهرية وتغييرات فترة انقطاع الطمث.
ويورد الدكتور لون بريزدين حالة سيدة تدعى سيلفيا كمثال للتغيرات النفسية التي تطرأ على المرأة في تلك السن. وحالة 'سيلفيا ليست حالة عامة قد تنطبق على جميع النساء ممن يعانين من مشكلات انقطاع الطمث النفسية ولكنها قد تقرب الصورة أكثر هنا' سيلفيا في الرابعة والخمسين من العمر، وما زالت مليئة بالنشاط وتمر بتغيرات كثيرة، ولكن ما أذهلها هو إنها تمر بمرحلة تم فيها فجأة انقشاع غيمة كانت تحيط بها، وقد باتت تنظر للأمور بنظرة مختلفة عما اعتادت عليه في السابق. فقد ظلت لمدة 28 عاما تعمل سائقة لأطفالها الثلاثة، وتهتم وترعى جميع شؤونهم. وتسخر نفسها لبيتها وأسرتها بلا كلل او ملل. أما الآن فإنها وجدت نفسها فجأة تتساءل لما تقوم بكل ذلك؟



تغيرات في الدماغ
ولو اطلعنا على صورة الدماغ لسيلفيا بواسطة التصوير المغناطيسي، لوجدنا صورة مختلفة عن تلك الموجودة قبل عدة سنين. فاستمرارية تدفق النبضات الدماغية كان يتم من عبر اندفاعات لجيشين من الاستروجين والبروغيستيرون الناتج عن الدورة الشهرية.أما الآن فقد أصبح دماغها أكثر ثباتا. فلا ترى حركة الدوائر الشبكية الدقيقة في منطقة اللوزة amygdala المسؤولة عن المشاعر التي تؤثر في نظرتها على العالم. مما يدفعها الآن للنظر إلى الأمور بنظرة كئيبة على خلاف الواقع، أو سماعها لإهانة لم تكن مقصودة تماما. كما تنشط شبكة اتصالات الدماغ الدقيقة فيما بين منطقة اللوزة والمنطقة الامامية من الدماغ وهي منطقة تحليل المشاعر والوصول إلى الأحكام. فلا تتوقف عن العمل بسهولة بسبب الضغط الذي تواجهه في هذه الفترة. كما إن منطقة اللوزة أصبحت تضيء بشدة أكثر من تلك عند الرجل عندما ترى المرأة مشهدا او وجها يشكل تهديدا، او عندما تسمع خبرا محزنا. غير ان الدموع لم تعد تتدفق من عينيها بسرعة كما في السابق.



.. وفي نظرة المرأة
وتعتبر سن الحادية والخمسين متوسط سن الدخول إلى فترة انقطاع الطمث او ما يسمى بسن اليأس. وفيه يتوقف إفراز الهرمونات التي كانت تعزز شبكات المشاعر والتي تدفعها للاهتمام والرعاية والرغبة في تفادي النزاعات والخلافات. وهذه الشبكات مازالت موجودة بيد إن الوقود الذي يحركها 'ألا وهو الهرمونات' بدأ بالنضوب. ويقود هذا الشح إلى تحول كبير في كيفية نظرة المرأة إلى واقعها.
فمع انخفاض الاستروجين يقل لديها أيضا الاوكسيتوسين. ونجدها باتت اقل اهتماما بالمشاعر وباستتباب السلام الأسري، والسبب قد يرجع أيضا إلى تدفق القليل من الدوبامين (هرمون السعادة) لأمور كانت تسعدها في السابق. وهي أيضا لم تعد تتلقى الاوكسيتوسين المهدئ الذي تكافأ به لرعايتها واهتمامها بالأسرة والأطفال والآخرين.
وقد يحدث هذا الأمر بسرعة وفجأة. والمشكلة إن الاسرة لا تستطيع أن ترى من الخارج كيفية التغيير في نظام المرأة الداخلي الذي يعيد صياغة جميع الأمور من حولها. ففي إحدى الأيام التفتت سيلفيا إلى زوجها وقالت له 'لقد كبرت وأصبحت راشدا وأنا انتهيت من تربية الأطفال وقد حان الوقت للاهتمام بحياتي' وبعدها لاحظ الزوج بأنها أصبحت كثيرة الانفعال عند الحديث في أي موضوع.



فلاتر تصفية المشاعر
بينما لم يكن هذا هو حالها في السابق. فقد كانت تبذل كل ما في وسعها لتفادي الخلافات، حتى لو كانت غاضبة. وذلك يرجع لتحكم الاستروجين في مشاعرها وفي جعلها تنفر من الدخول في الخلافات. بيد ان توقف هذا الهرمون الآن، أدى إلى هذا التغير في السلوك.
فعند بلوغ سيلفيا لمرحلة 'سن اليأس' فإن الفلاتر التي كانت تصفي مشاعرها قد اختفت، وبالتالي تزداد انفعالاتها ونوبات غضبها. فان حدوث التحول في نسبة التستوستيرون إلى الاستروجين لديها غير أسلوبها في إظهار الغضب ليشبه أسلوب الرجال. كما إن التأثير المهدئ للبروغيستيرون والاوكسيتوسين غير موجود لتهدئة من غضبها.
وعلى عكس الاعتقاد السائد بان الرجال يتركون زوجاتهم اللاتي يعشن في مرحلة انقطاع الطمث وبدأت أوزانهن تزداد ويختارون زوجات اصغر وانحف. فقد وجد إن الاحصائيات تشير إلى ان أكثر من 65% من حالات الطلاق تلك طلبتها المرأة. وهذه المبادرة في طلب الطلاق من المرأة قد تعود إلى أسباب وضعها الجديد في فترة انقطاع الطمث.
لكن مازال دماغ المرأة الراشدة منطقة غير واضحة المعالم بعد، ولكنه يظل مكانا مفتوحا للإبداع ولقيادة الأجيال المقبلة بشكل إيجابي.
رسالة تشجيع
ووجهت الاختصاصية الشارخ رسالة لتشجيع للمناطق الأخرى لزيادة التوعية وخاصة للثانويات. فيجب التحذير من تفشي الظواهر غير الصحية بين المراهقين كالسمنة والكسل والاعتماد في التغذية على المأكولات السريعة، لأن الجيل الجديد من الفتيات هن امهات المستقبل.

متى يحصل توقف الطمث؟
إن متوسط العمر الذي يتوقف فيه الطمث لدى النساء هو سن الخمسين، لكن التوقف قد يحدث بشكل طبيعي بدءا من عمر 41 حتى 59 سنة، وهذا الاختلاف في العمر له علاقة بالوراثة، فالمرأة عادة تشابه والدتها وأخواتها في ذلك.

هل هناك علاقة بين توقف الطمث وحدوث مشكلات نفسية؟
تتعرض السيدة بعد توقف الطمث لكثير من الضغوط النفسية بسبب التغيرات التي تمر بها. وهذه التغيرات يمكن أن تتسبب في حدوث اكتئاب نفسي، وهذا الاكتئاب ليس بسبب توقف الطمث وإنما يصاحبه فقط.
من بعض المضايقات النفسية والعصبية التى قد تتطور إلى أعراض مرضية نذكر:
- الشعور السريع بالتعب والارهاق والاجهاد.
- العصبية والنرفزة واضطراب النوم.
- فقدان الشهية وعدم الرغبة فى القيام باى عمل حتى ولو كانت أعمالا روتينية.
- التوتر والقلق النفسى الذى قد تتزايد وتصل إلى حد الاكتئاب.
- بعض السيدات يعانين خلال هذه الفترة من زيادة الشكوك والوسوسة.
- حوالى 50% من النساء على الأقل يصيبهن اضطراب فى الاوعية الدموية والدورة الدموية مما يتسبب فى الشعور بإرتفاع درجة الحرارة ثم يعقب ذلك الشعوربالبرودة ولاشك أن تكرار هذه النوبات الحرارية يزيد من إحساس المرأة أن شيئا غير طبيعى يحدث لها بل وتكون تلك النوبات هى مشكلتها الاساسية خلال تلك الفترة.

انقطاع الطمث الحقيقي يكون نتيجة للأسباب التالية:
أسباب عامة: نتيجة اعتلال صحة الفتاة أو المرأة بوجه عام مثل حالات الانيميا وسوء التغذية أو السمنة المفرطة والأمراض المزمنة ونتيجة استخدام أدوية مثل حبوب منع الحمل وهرمونات الذكورة.
اعتلال وظيفة غدة الهيبوثالاموس: وهي موجودة اسفل المخ وتنظم عمل الغدة النخامية التي تتحكم في وظيفة المبيضين وباقي غدد الجسم.
الحمل الكاذب: نتيجة شدة شغف المرأة بالحمل فتنقطع الدورة وتشعر السيدة بأعراض تشبه أعراض الحمل.
اعتلال وظيفة الغدة النخامية: وقد ينتج هذا بسبب انسداد الأوعية الدموية المغذية (نتيجة نزف شديد بعد الولادة)، أو نتيجة وجود اورام الغدة النخامية، او قلة أو زيادة نشاط مكوناتها.
أسباب في الغدة الدرقية: سواء كان ذلك بزيادة نشاط الغدة أو قلة نشاطها مما يؤثر في التمثيل الغذائي للجسم وكذلك على وظائف المبيض.
أسباب في الغدة فوق الكلوية: ويحدث ذلك في حالة قلة نشاط الغدة أو في حالة زيادة نشاطها أو نتيجة وجود ورم فيها.
أسباب في المبيض: قد يكون المبيض غير مكون على الوجه السليم خلقيا، أو نتيجة لاستئصاله جراحيا أو لوجود ورم بالمبيض يفرز هرمون الذكورة أو لقلة إستجابة المبيض للهرمونات المنبهه من الغدة النخامية.
أسباب في الرحم: مثل عدم وجود الرحم خلقيا، أو استئصاله جراحيا، أو لصغر تكوينه، أو نتيجة عملية كحت جائرة نتج عنها إزالة كل الغشاء المبطن لجدار الرحم، أو نتيجة التصاقات الغشاء المبطن للرحم نتيجة هذا الكحت الجائر أو نتيجة التهاب.

الفحوصات الواجب القيام بها
تقول الاختصاصية نوال علي الشارخ، عن الفحوصات الواجب البدء بها متى ما شكت السيدة بأنها تمر بحالة الطمث، 'أول ما نقوم به هو عمل فحص للهرمون. وذلك للتأكد ما اذا كان هناك نقص في مستوى الهرمونات الطبيعية في الجسم. فقد تكون أسباب عدم انتظام الدورة او الاعراض التي تمر بها المرأة نتيجة لأسباب نفسية أو صحية أخرى وليست من نتاج الهرمون. لذا فإن السيدة التي تفقد دورة شهرية واحدة عليها عدم الجزم أوتوماتيكيا بأنها نتاج لمرحلة انقطاع الطمث، بل لا بد لها من إجراء الفحص الهرموني أولا. وبعد التأكد فقط، واستعراض لما تمر به المرأة من ردة فعل جسدية فسيولوجية جراء نقص الهرمون، يتم طرح مناقشة استعمال الدواء الهرموني. ويجب على المرأة أن تتناقش مع الاختصاصية عن احتياجها لأي عقار، فمن الممكن أن لا تحتاج لأي عقار بتاتا. والتوجه حاليا هو التشجيع على ثلاثة أمور: الرياضة، النظام الغذائي الصحي، تناول منتجات الصويا. وأوضحت ان العديد من النساء لا يعانين او تقل لديهن بنسبة كبيرة مضاعفات الأعراض المزعجة لهذه الفترة بشرط التزامهن بهذه النصيحة.

لماذا ينقطع الطمث؟
في سن الخصوبة يبدأ المبيض في كل شهر بإفراز بويضة وهرمونين هما (الاستروجين والبروغستيرون) المسؤولان عن إعداد غشاء الرحم استعدادا للحمل. وفي حالة عدم التخصيب، فان البويضة غير المخصبه يتم التخلص منها في شكل العادة الشهرية.
وعند بلوغ المرأة سن الأربعين يبدأ مخزون البويضات في الانخفاض، وفي نهاية المطاف ينضب ويتوقف بالتالي إفراز هرمون البروغستيرون وينخفض مستوى هرمون الاستروجين.
والهرمون الأخير، له وظائف حيوية مرتبطة ليس فقط بالإنجاب بل بتقوية العظام وتشحيذ الذهن وتدعيم صحة القلب. وتحدث خلال فترة انقطاع الطمث سلسلة من التغيرات الجسدية. وتبدأ إشاراتها الأولى بحدوث تغيير في مواعيد العادة الشهرية واختلاف مدتها وغزارتها.


القبس