10-21-2007, 07:58 AM
|
#1
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2835
|
تاريخ التسجيل : Mar 2006
|
أخر زيارة : 03-23-2017 (11:25 AM)
|
المشاركات :
23,057 [
+
] |
التقييم :
50
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
حُسْنُ الصحبة
الإحسان إلى الوالدين، عبارة قد اعتدنا قراءتها، ولكن هل اعتدنا تطبيقها؟ فقد أمر الإسلام ببرهما والإحسان إليهما ونهى عن عقوقهما وجعله من الكبائر، بل إن الإحسان إليهما عبادة ملازمة لعبادة الله تعالى كما في قوله تعالى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) الإسراء23/، (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا) النساء 36/، فقد قرنهما تعالى بعبادته لما لها من فضل عظيم، وقُدمت على كثير من الطاعات فهي أولى من قيام الليل وأعظم أجراً، كما في حديث الرجل العابد الذي أتته أمه وهو يصلي فأقبل على صلاته وآثرها على إجابة أمه فدعت عليه فاستجاب الله لها، لأنه استمر في صلاة النافلة وهي تطوع وليست فريضة وكان من الواجب أن يقطع صلاته ليقدم إجابة الأم التي هي من برها والبر واجب.
والأم مقدمة في البر على الأب، وقد أجمع العلماء على أنها تفضل في البر على الأب لما لها من فضل مضاعف فهي التي وضعت وأرضعت وربت وأعطت بلا حدود واستمرت في عطائها دون انتظار لمردود فهي الأحق بالبر وحسن الصحبة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاء يسأل: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال. أمك. قال: ثم من؟. قال: أمك، قال ثم من؟ قال أمك. قال ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
وبر الأب واجب وعقوقه حرام فللأب دور كبير في تربية الأبناء والإنفاق على الأسرة وهو خير معين للأم على ما تواجهه من مشاق، وقد شمل لفظ الإحسان الوالدين في الآيات والأحاديث والأم مقدمة على سبيل الإطلاق، وكما قال القرطبي: المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البر، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة.
ومن أجمل ما ورد في بر الوالدين قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم فم الغار فدعا أحدهم ربه بأنه كان باراً بوالديه وقال اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة، رواه البخاري، وقد ذكر في السنة النبوية أن من السلف من حمل أمه على ظهره ليحج بها، وذكر من كان لا يصعد على سطح إذا كانت أمه تحته توقيراً واحتراماً لها. والإحسان للوالدين يزداد عند كبرهما لازدياد حاجتهما، يقول تعالى في سورة الإسراء23/ (إما يبلغن عندك الكبرأحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما إف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً) فمن يحسن قوله لا شك أنه يحسن فعله ولذا يأمر تعالى بالقول الكريم وينهى عن القول السيئ وإن كان أدنى الأقوال سوء كلفظ أف، فعلى الولدـ وكلمة الولد تعني الابن والبنتـ أن ينتقي أفضل الألفاظ وأطيبها للتحدث مع والديه ويحرص على التأدب في الحوار معهما، أما اليوم فنرى الولد يحترم ويوقر الغريب والبعيد ويشارك في دورات ليتفنن في أدب الحوار مع الآخرين وينسى الطيب من القول مع الوالدين، ومع ذلك نجد الأم والأب لا اهتمام لهما إلا رضا أولادهما وأن لم يجدا منهم إحساناً، ونسمع في ذلك مواقف وقصصا عجيبة كالأم العجوز التي ذهبت مع ولدها للجلوس عند شاطئ البحر فتركها في شدة البرد وأعطاها ورقة يطلب ممن يقرؤها أن يأخذها إلى دار العجزة ووعدها بالرجوع وطال انتظارها فاشتد قلقها على ولدها إلى أن ارتفع ضغطها وفارقت الحياة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولاتجب طاعة الوالدين في كل ما يأمران به أو ما ينهيان عنه فالطاعة في حدود رضا الله تعالى ولا تكون في معصية الله تعالى كما في الآية الكريمة: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) لقمان15/، وقد استدل العلماء بالآية الكريمة على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين والدعاء إلى الإسلام برفق والإحسان إليهما، فما بالك بالأبوين المسلمين!
والبر والإحسان من حقوق الوالدين في حياتهما ويستمر حقهما أيضاً في البر بعد وفاتهما ففي الحديث الشريف: (إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنّى لى هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك) رواه أحمد، فمن الأعمال التي يصل نفعها إليهما بعد وفاتهما الاستغفار لهما والدعاء والصدقة والصوم والحج ومن برهما أيضاً أن تصل أحبائهما وأصحابهما.
واصبر على الإحسان وإن لم تجد منهما معاملة طيبة فتذكر أنه عبادة لله تعالى وجهاد في سبيله، وكما قال رسولنا الكريم: (ففيها فجاهد)، واعلم أن الله عز وجل لا يضيع أجر المحسنين، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
الوطن
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|