بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم لاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك ، وأصلح لنا
شأننا كله ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
أما بعد:
الجزء الثاني من موضوع اللباس
إن اللباس ليس حكراً على ستر العورة الحسية الجسدية فحسب
بل إن لباس التقوى ، وستر التقوى خير مايتجمل به المرء ،
إذ ما عسى ستر البدن أن ينفع إذا كان القلب عارياً ،
استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال :
( الله أكبر ، مافتح اليوم من الخزائن ، أيقظوا صويحبات الحُجر ، فرب
كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة ) رواه البخاري.
لقد حرص الإنسان السوي على أن يواري عورتيه وسوأتيه أشد المواراة،
عورته الجسدية ، وعورته النفسية أو المعنوية ، وأصل البشرية أبوان كريمان
ابتدأ الامتحان بالعورات بهما ، وأين هذا الامتحان ؟إنه في جنة الخلد وملك لايبلى
( فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ماووري عنهما
من سوءاتهما ) الأعراف آية رقم 20
لقد حرص الشيطان على أن يقضي ابتداءً على عنق الزجاجة ومكمن الحياء وهو الستر
( فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) سورة طه آية رقم 121
يخصفان عليهما خجلاً من تعريهما ، إذ لايتعرى وينكشف إلا من فسدت فطرته ،
ويالله لقد نسي آدم فنسيت ذريته.
إن الفطر السليمة ، والأنفس السوية ، تجفل بطبعها من ظهور السوأتين ، وتحرص أشد الحرص
على مواراتهما.
إن اليهود هم أول من شن الحرب على نزع الستر وإظهار السوأة ، منذ تآمر رجلان منهم في
سوق بني قينقاع على نزع حجاب امرأة ، وكشف سوءتها حينما كانت جالسة في السوق،
فربطوا خمارها بطرف ثوبها، فلما قامت واقفة بدت سوءتها للناس ، فاستغاثت بمن حولها ،
ثم توالت بعد ذلك أحداث شبيهة كما ذكر ذلك ابن الأثير في كامله ، عن شابين من قريش
رأوا امرأة جميلة من بني عامر في سوق عكاظ ، فسألوها أن تسفر عن وجهها فأبت ، فامتهنها
أحدهم ، فاستغاثت بقومها حتى كان ذلك سبباً في اليوم الثاني من أيام حروب الفجار المشهورة،
إن اللباس هو الستر وضده العري وهو سمة حيوانية بهيمية ، ولايميل إليه إلا من هو
أدنى من الإنسان ،
ومتى رؤي العري والتعري جمالاً وذوقاً وتقدماً ومسايرة لركب الغافلين ،
فقولوا على الفطرة السلام ، ولتبدأ الآذان مصغية في سماع مايبكي ويحزن من مآسي
التفنن والتنويع في الانسلاخ والتجرد عن قيم الإسلام ، ناهيكم عن سوء العواقب الموخزة،
وحينئذ واقعون لامحالة فيما حذرنا منه الباري جل وعلا بقوله: ( يابني آدم لايفتننكم
الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما )
سورة الأعرف آية رقم 27
انتهى الجزء الثاني من موضوع اللباس
انتظروا الجزء الثالث إن شاء الله تعالى