بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم رحمتك نرجوا ، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك،
وأصلح لنا شأننا كله
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
أما بعد:
إن واقع كثير من المسلمين اليوم لهو واقع مؤرق
إذ أن صلتهم بكتاب ربهم يكتنفها الهجر والعقوق ، بل لربما وصل الأمر إلى أبعد من ذلك،
اقرؤا قوله جل في علاه:
( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون)سورة البقرة آية رقم 78
أي لايعلمون الكتاب إلا تلاوة وترتيلا ، بحيث لايجاوز حناجرهم وتراقيهم.
وذلك بسبب الغياب القلبي ، والعجز عن تدبر القرآن ، وهم على قلوب أقفالها إلا من رحم الله،
وبسبب البعد عن اكتشاف سنن الله في الأنفس والآفاق ، وحسن تسخيرها، والتحرر غير
المبعّض من تقديس الأفهام المغلوطة ، والتأويلات المآربية ، والتي انحدرت إلى كثير من
أوساط المسلمين على كافة طبقاتهم ، من لوثات علل وأفهام ، يغذيها شعور طاغ من حب
الدنيا وكراهية الموت.
كل ذلك سبب ولا شك لذهاب العلم وهو موجود ، على الرغم من التقدم الملحوظ في فنون
الطباعة ، ووسائل النشر ، وتقنيات التسجيل الصوتي والمرئي.
روى الإمام أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ، عن زياد بن لبيد الأنصاري رضي الله عنه قال:
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فقال: ( وذلك عند ذهاب العلم )،
قلنا : يارسول الله : كيف يذهب العلم ونحن قرأنا القرآن ونقرئه أبناءنا ، وأبناؤنا يقرؤنه أبناءهم،
فقال: ( ثكلتك أمك يابن لبيد ، إن كنت لأراك من أفقه رجل في المدينة ، أوليس هذه اليهود
والنصارى بأيديهم التوراة والإنجيل ، ولا ينتفعون ممافيهما بشيء )؟.
إذاً فالأمة المنتمية إلى القرآن لاينبغي أن تكون مجهولة مستوحشة ، مبعثرة الحواس،
وكأنها تنادى من مكان بعيد ،
وكتاب الله سبحانه ماشانه نقص ، ولا شابته زيادة ،
فيه خلاصة كافية لأحوال النبوات الأولى ، وأنباء ماقد سبق
قال تعالى: ( إن هذا لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى )سورة الأعلى آية رقم 18-19