بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اللهم رحمتك نرجوا ، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك،
وأصلح لنا شأننا كله
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
أما بعد:
كم من موسوس لايثق في أحد ولا يصدق أحداً،
يظن كل نواة تمر لغماً ، ويحسب كل صيحة عليه ،
يألم من اللمس ، ويجزع من الهمس ،
يعامل الناس جميعاً بعين من طبعه ،
يظن أن كل الناس ألداء مثله ، أو ظَلَمة مثله ، أو كَذَبة مثله ، أو غَشَشة مثله .
فلله كم من موسوس يأخذ اللحظات الطوال من أجل:
أن يحسن عقد النية من صلاته أو قراءته أو عمرته أو حجته ،
وأما الوضوء فحدثوا عن ذلك ولا حرج ،
طول وقت ، وكثرة إعادة ، وإسراف مشين ،
حتى إن أحدهم ليتوضأ بما يغتسل به الجماعة ، صبّاً صبّاً ، ودلكاً دلكا ،
تعذيباً لأنفسهم ، وقد أعيتهم الشياطين عن أن يفقهو ا قول ابن عباس رضي الله عنهما :
( الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله خنس ).
ناهيكم عن أعيائهم أن يفقهوا أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع ،
بل قد يبلغ الأمر ببعضهم أن يرى أنه لو توضأ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم
فوضوؤه باطل .
دخل العلامة الفقيه أبو الوفاء ابن عقيل رحمه الله على أناس في رباط ، فتوضأ ،
فضحكوا لقلة استعماله الماء ،
فسأله رجل موسوس فقال:
إني لأنغمس في النهر ثم أخرج منه ، وأشك أني وضوئي قد صح .
فقال له : سقطت عنك الصلاة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( رفع القلم عن ثلاثة )) ، وذكر منهم : (( المجنون حتى يفيق )) .
كل ذلك من استيلاء الشياطين على الموسوسين ،
حتى إنهم أجابوهم إلى مايشبه الجنون ،
أعاذنا الله وإياكم من شر الوسواس الخناس ، الذي يوسوس في صدور الناس ،
من الجنة والناس