بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
( أحوال عسى الله أن ينفع بها الجميع )
يقول سماك بن حَرب: قلتُ لجابر بن سمرة:
أكنتَ تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قال: نعم، كان طويلَ الصّمت، وكان أصحابه يتناشَدون الشعرَ عنده،
ويذكرون أشياء من أمر الجاهليّة، ويضحكون فيبتسمُ معهم إذا ضحكوا.
رواه مسلم
وأخرج البخاريّ في الأدب المفرد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:
لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين ولا متماوتِين،
وكانوا يتناشدون الأشعارَ في مجالسهم ويذكرون أمرَ جاهليتهم،
فإذا أريد أحدُهم على شيءٍ من دينه دارَت حماليق عينيه
حماليق العين: هو ما يسوده الكحل من باطن أجفان العين،
وهو كناية عن فتح العينين، والنظر الشديد.
وذكر ابن عبد البر رحمه الله عن أبي الدرداء أنّه قال:
(إنّي لأستجمّ نفسي بالشيء من اللّهو غيرِ المحرّم، فيكون أقوى لها على الحقّ)
وذكر ابن أبي نجيح عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(إنّي ليعجبُني أن يكونَ الرّجل في أهله مثلَ الصبيّ، فإذا بُغي منه حاجة وُجِد رجلا)
وذكر ابن عبد البرّ عن عليّ رضي الله عنه أنّه قال:
(أجمّوا هذه القلوبَ، والتمِسوا لها طرائفَ الحكمة، فإنّها تملّ كما تملّ الأبدان)
يقول ابن الجوزيّ:
"ولقد رأيت الإنسانَ قد حُمّل من التكاليف أمورًا صَعبة،
ومِن أثقل ما حُمّل مداراةُ نفسِه وتكليفها الصبرَ عمَّا تحبّ وعلى ما تكرَه،
فرأيتُ الصّوابَ قطعَ طريق الصّبر بالتسلية والتلطّف للنّفس".
وبِمثل هذا تحدّث أبو الوفاء بن عقيل فقال:
"العاقلُ إذا خلا بزوجاتِه وإمائه لاعبَ ومازح وهازل،
يعطي للزوجة والنفسِ حقَّهما،
وإن خلا بأطفاله خرجَ في صورة طفلٍ وهجَر الجدَّ في بعضِ الوقت".
هذا وللحديث بقية
أسأل الله بمنّه وكرمه وجوده أن ينفع به الجميع