هل يتأثر الشخص بمن يدفن بجانبه؟
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هل يتأثر الشخص بمن يدفن بجانبه؟
السؤال : هل يتأثر الشخص بمن يدفن بجانبه ؟ على سبيل المثال من يوصي بأن يدفن بجانب فلان ، ولا يدفن بجانب فلان ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
إذا كان مقصود الأخ السائل من دفن المسلم بجانب المسلم أنهما في قبر واحد ، فلا يجوز ذلك، لأن الواجب أن يدفن كل مسلم في قبر على حدة ، إلا في حالات الضرورة .
قال ابن قدامة في "المغني" (2/222) :
" وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ , إلَّا لِضَرُورَةٍ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
"المشروع بالاتفاق ألا يدفن مسلم مع آخر في قبر واحد ، وإنما يدفن كل واحد وحده في قبره" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (1/337) .
أما كون الميت يتأثر بمن يدفن بجانبه ، كأن يتأذى بجاره إذا كان من أهل العذاب ، أو يسعد بجوار من كان من أهل النعيم ، فلا نعلم دليلاً من السنة النبوية يدل على ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين :
"هذا الأمر يحتاج إلى توقيف وإلى نص من الشرع ؛ أن الميت يتأذى بمن دفن معه إذا كان ممن يعذب في قبره ، وهذا أمر لا أعلم عنه شيئاَ من السنة ، وإن كان بعض العلماء رحمهم الله يقولون : إن الميت قد يتأذى بجاره إذا كان يعذب ، وقد يتأذى بفعل منكر عنده ، ولكن لم أجد دليلاً من السنة يؤيد هذا ، والله أعلم" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (1/337) .
أما ما رواه أبو نعيم في الحلية (6/354) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين ، فإن الميت يتأذى بجار السوء ، كما يتأذى الحي بجار السوء) .
فهو حديث موضوع ، انظر "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (563) للألباني .
وقال ابن حبان رحمه الله :
" هذا خبر باطل ، لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
"كتاب المجروحين" (1/291) .
وقد ذكر جماعة من العلماء استحباب الدفن بجوار الصالحين ، ولم يذكروا دليلاً صريحاً على ذلك من السنة ، وإنما هو مجرد استنباط من بعض الأحاديث ، كما استنبط بعضهم ذلك من حديث : (أن موسى عليه الصلاة والسلام لَمّا حضرته الوفاة سأل ربه أن يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ) متفق عليه .
وقد بوّب البخاري رحمه الله للحديث بقوله : " بَاب مَنْ أَحَبَّ الدَّفْنَ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ أَوْ نَحْوِهَا " انتهى .
قال ابن بطال :
" ومعنى سؤال موسى أن يدنيه من الأرض المقدسة ، والله أعلم ، لفضل من دُفن في الأرض المقدسة من الأنبياء والصالحين ، فاستحب مجاورتهم في الممات ، كما يستحب جيرتهم في المحيا ، ولأن الفضلاء يقصدون المواضع الفاضلة ، ويزورون قبورها ويدعون لأهلها " انتهى .
"شرح ابن بطال" (5/359) .
وقال النووي :
" وَفِي هَذَا اِسْتِحْبَاب الدَّفْن فِي الْمَوَاضِع الْفَاضِلَة وَالْمَوَاطِن الْمُبَارَكَة , وَالْقُرْب مِنْ مَدَافِن الصَّالِحِينَ " انتهى .
"شرح مسلم" (15/128).
|