صَبَاحُكِمَّ مَسَائُكُمّ نَفَحَاتٌ
زَهْرَ وَ إِيْمَانٍ مُنَقَّحَةٌ بِـ رُوْحَ وَرَيْحَانٌ
بِـ شَذَىً الْوَرْدْ الْمُحَمَّدِيَّ
كَثِيْرَةً هِىَ أَحْزَانُ الْدُّنْيَا
وَأَحْزَانَهَا دَائِمَةً لَا تَتَوَقَّفُ
خَبَرِ حَزِيِنْ يُفْاجِئَكَ فِىْ قَسْوَةً
كَلِمَةُ جَارِحَةٌ مِنَ أَقْرَبُ الْنَّاسِ إِلَيْكَ
أُمَنيّةِ غَالِيَةٌ عَلَيْكَ لَمْ تَتَحَقَّقْ
فَجْأَةً تَضِيْقُ أَنْفَاسُكِ وَتَتَسَارَعُ خَفَقَاتُ قَلْبِكَ
وَتَتَرَقْرَقَ الْدَّمْعَةِ فِىْ عَيْنَيْكِ
فَتُسْرِعُ الَىَّ غُرْفَتَكَ تُغْلِقْ بِابَكَ
لِيَنْهَمِرْ الْسَّيْلُ مِدْرَارَا
تَنْظُرُ فِىْ لَهْفَةٍ إِلَىَ فِرَاشِكَ
وَتَلَقَّ بِنَفْسِكَ عَلَىَ وِسَادَتِكَ
الَّتِىْ طَالَمَا عُرِفَتْ مَذَاق دُموعَكِ
وَتَعْتَصِرَهَا فِيْ مَرَارَةِ كَمَا يَعْتَصِرْالحَزنُ قَلْبِكَ
وَتَبْكِيْ وَتَبْكِيْ
غَرِيْبَ هُوَ الْحُزْنُ حِيْنَمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَلْبِ
لِيَغْزُوَهُ فِىْ قَسْوَةً مُعْلِنَا سَيْطَرَتَهُ فِىْ إِحْكَامِ
وَتَتَزَايَدُ سَطْوَتِهِ فِىْ قُوَّةً وَسُرْعَةَ
فَتَشْعُرُ انَّهُ لَا فَكاكْمِنّهُ
وَتَسْتَسْلِمَ لَهُ
تَسْتَرْجِعُ سَبَبُ حُزْنِكَ
فَتَاتِيكِ أَحْزَانِكَ كُلُّهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً
تُعَاتِبَ نَفْسَكَ فَتَارَةً تَلُوْمَهْا وَتَارَةً تُشْفِقْ عَلَيْهَا
وَآَلَافُ الْأَسْئِلَةِ تَسْأَلُهَا لِنَفْسِكَ
هَلْ أَنَا الْمُخْطِئُ أَمْ هُمُ الْمُخْطِئُوْنَ ؟
وَلِمَاذَا ؟ وَكَيْفَ ؟ وَلِمَ ؟
وَتَبْكِيْ مُجَدَّدَا وَتَبْكِيْ
حَتَّىَ يُكْتَفَى مِنْكَ الْحُزْنِ وَلَا تَكْتَفِيْ
هَكَذَا يُفْعَلُ الْحُزْنِ بِالْقَلْبِ وَأَكْثَرُ اذَا اسْتَسْلَمْنَا لَهُ
رُبَّمَا مِنَ الْصَّعْبِ عَلَيْنَا مُقَاوِمَةٌ الْدُّمُوْعِ فِىْ كُلَالأَوْقَاتِ
فَنَتْرُكُ لَهَا الْعِنَانَ أَمَلَا فِىْ الْرَّاحَةِ
وَلَكِنْ إِذَا لَمْ نَنْتَبِهْ جَرْفِتْنَا فِىْ
دَوَّامِةِ عَمِيْقَةٌ لَا قَرَارَ لَهَا
إِنَّهَا لَحَظَاتِ صَّعْبَةٌ !!
وَفِىُّ لَحَظَاتِ صَّعْبَةٌ كَهَذِهِ
نَحْتَاجُ الَىَّ مَنْ يَسْمَعُنَا دُوْنِ مَلَلْ
مِنْ يُرَبِّتُ عَلَىَ جِرَاحِنَا فِىْ صِدْقِ
مِنْ يَاخُدْ بِأَيْدِيَنَا إِلَىشَوَاطِئْ الْرَّاحَةِ وَالْطُمَأْنِيْنَةِ
لَكِنْ يُحَدِّثُكَ الْقَلْبِ فِىْ يَأْسٍ انَّهُ لَنْ يَفْهَمُكْ احَدٌ
وَلَنْ يَشْعُرُ بِمُعَانَاتِكِ أَحَدٌ
وَرُبَّمَا انَّهُ لَا يَسْتَطِيْعُ مُسَاعَدتِكَاحِدّ ..
وَفِىُّ وَسَطِ كُلِّ هَذَا الْظَّلامِ
تَبْحَثُ عَنْ بَصِيْصٍ مَنَ الْنُّوْرِ
يُبَدِّدُ كُلَّ هَذِهِ الْوَحْشَةِ
فَتُرْفَعُ رَاسَكً وَتُكَفْكِفَ دُمُوعِكْ
وُتُخْطِيْ بِاتِّجَاهِ سَجَّادَةُ صَلَاتَكَ الْمَطْوِيَّةٌ ..
وَتَلَقِّيَ بِنَفْسِكَ سَاجِدٌ رَاكِعٌ لِلَّهِ
تُنَاجِيْ رَبِّكَ فِىْ خُشُوْعٍ
وَقَلْبُكَ يَدْعُوَهُ فِىْ صِدْقِ
رَبِّىَ انَا الْفَقِيْرُ إِلَيْكَ وَأَنْتَ الْغَنِىُّ عَنْ عَذَابِىِّ
تُعْلِنُ ضَعْفِكَ وَذَلِكَ لِلَّهِ تُبَثّ شَكْوَاكَ وَتَبْتَهِلُ
طَالِبٍ عَفُوٌّ الْلَّهِ وَرَحْمَتِهِ
هُوَ الْرَّحْمَنُ الْرَّحِيْمُ وَهُوَ ارْحَمُ الْرَّاحِمِيْنَ
أَىُّ لَذَّةٍ فِىْ مُنَاجَاتِ هِوَالْخُشُوّعَ بَيْنَ يَدَيْهِ
وَأَىُّ نُوْرَ يَنْسَكِبُ دَاخِلَ الْقَلْبِ فَيُحْيِلُ ظُلْمَتِهِ نَهَارا
فَتَتَرَاخِىْ قَبْضَةً الْحَزَنَ عَلَىَ قَلْبِكَ رُوَيْدَا رُوَيْدَا
لِيُحِلَّ مَحِلُّهَا مَعَانِىَ الْصَّبْرِ وَالْإِيْمَانَ وَالْرِّضَا
بِقَضَاءِ الْلَّهِ وَقَدَرِهِ
تَمُدُّ يَدَيْكَ وَتَتَنَاوَلُ كِتَابِ الْلَّهِ
وَتَقْرَأُ مِنْ آَيَاتِ الْذِّكْرِ الْحَكِيْمِ
مَا يُطَبِّبُ الْقُلُوْبُ وَيُشْفَى سُقْمَهَا
( إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا )
( وَبَشِّرِ الصَّابِرِيْنَ الَّذِيْنَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ
مُّصِيْبَةٌ قَالُوْا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعُوُنْ )
فَتُحَلِّقُ نَفْسَكَ بِوَاحَةِ مِنْ الْأَمَانِ وَالْطُّمَأْنِيْنَةِ
وَتَتَجَلَّىْ أَمَامَكَ حَقِيْقَةً أَنْ أَمَرَ الْمُسْلِمِ كُلَّهُ خَيْرٌ
إِذَا مَسَّتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ وَإِذَا مَسَّتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ
وَلِّلصَّابِرِينَ جَزَاءُ عَظِيْمٌ عِنْدَ الْلَّهِ
( إِنَّمَا يُوَفَّىَ الصَّابِرُوْنَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
كَفَىْ أَنَّهُمْ بِمَعِيَّةِ الْخَالِقُ الْقَدِيْرُ
( إِنَّ الْلَّهَ مَعَ الصَّابِرِيْنَ )
وَفَجْأَةً تَجِدُ أَنَّ حُزْنِكِ لَمَ يُعَدُّ الْوَحْشُ الْكَاسِرُ
الَّذِىْ كُنْتُ تَخْشَيْ سَطْوَتِهِ مِنْ قَبْلُ
لِأَنَّ لَدَيْكَ سِلَاحا اقْوَي فِىْ مُوَاجَهَتِهِ
وَلَدَيْكَ صُحْبَةِ لَا يَشْقَىْ أَبَدا مِنَ عَرَّفَهَا
لْتَهَجُّرْ رِفْقَةَ الْوِسَادَةُ وَالْدُّمُوْعُ
وَلْتَكُنْ رُفْقَتِكَ دَائِمَا
قِرَاءَةِ قُرْآَنٍ وَسُجُوْدٍ وَرُكُوْعٍ
فَبِهَذِهِ الْرُّفْقَةِ وَحْدَهَا يَهُوْنُ كُلُّ حُزْنٍ
وَيُلَيِّنُ كُلِّ عَسِيْرٍ