في مدينة قيصري التركية، يستعرض سافريت أرسلان بكل فخر مصنعه الذي ينتج الأثاث والمفروشات.
ولدى أرسلان الحق في أن يفخر كل الفخر بمصنعه.
فمن مشروع صغير قبل عقد من الزمان، تطور المصنع الى مشروع كبير يصّدر منتجاته الى الولايات المتحدة وألمانيا واسرائيل.
ارسلان
وقصة أرسلان هي قصة نجاح كبيرة اذا ماأخذنا في الاعتبار أنه ينحدر من أسرة رقيقة الحال حيث كان والده يعمل في نسيج السجاجيد.
وليس أرسلان الناجح الوحيد، بل ان مدينة قيصري التركية تحفل بنماذج أخرى كثيرة من أصحاب الأعمال الناجحين.
قلب تركيا الاسلامي
مدينة قيصري هي واحدة من عدة مدن صناعية تقع في اقليم الأناضول بوسط تركيا والذي يُعد قلبها الاسلامي النابض.
وسكان الأناضول، على العكس من سكان المدن الكبرى مثل أنقرة واطنبول، هم من المسلمين المتدينيين والمتمسكين بالتقاليد الاسلامية.
وتتمسك الأناضول أيضا بالتقاليد الاسلامية، فنادرا ماتقدم الخمور في المطاعم، ولايختلط الرجال والنساء في الشوارع، كما لاتوجد أشكال للملاهي أو الحياة الليلية هناك.
ومع ذلك فان نجاح الصناعات والأعمال في الاقليم قدم لونا جديدا من الازدهار الديني العملي.
فالأناضول تشهد ميلاد طبقة جديدة من المسلمين الذين يبذلون قصارى جهدهم في العمل، ويؤمنون بمباديء السوق الحرة.
العمل عبادة
وقد أطلق شكري قراتيب عمدة مدينة قيصري السابق على هذه الطبقة الجديدة من أصحاب الأعمال المسلمين اسم "الكالفنيون الجدد".
ويربط قراتيب في هذا التشبيه بين طبقة الكالفينيين التي عاشت في ألمانيا وفرنسا في القرنيْن الخامس عشر والسادس عشر، وبين أبناء الأناضول في العصر الحالي.
ويقول عمدة المدينة السابق ان مايميز هؤلاء الأشخاص هوالعمل الجاد والادخار بهدف ضخ الأموال التي يدخرونها في أعمالهم كي تزداد نجاحا.
الجمع بين العمل والعبادة في قيصري
ويقول قراتيب ان أهالي قيصري يفخرون بأنهم قادرون على الادخار، ولايسرفون في الانفاق، وينظرون الى العمل على أنه عبادة.
مؤامرة للتنصير
ويتفّق جيرالد كناوس مدير فرق التخطيط بالمبادرة الأوروبية للاستقرار مع هذا الرأي.
ويقول ان أصحاب الصناعة المزدهرة في مدينة قيصري يرون أن الاسلام يحضهم على العمل، ويشجعهم على الانتاج والاعتماد على أنفسهم.
ولكن مزج الكالفينية بالاسلام في مصطلح جديد أثار ضجة فب الاعلام التركي.
ويرى البعض أن المصطلح الجديد هو مؤامرة لتنصير الاسلام، بينما يدافع آخرون عن الاصطلاح، ويرون أنه يعبر عن الصورة العملية التي ينبغي أن يُنظر الى الاسلام من خلالها.
ومن أكبر المدافعين عن التوجه الجديد عبد الله غول رئيس الوزراء التركي الذي ينحدر هو نفسه من بلدة قيصري.
ويرى غول ان تركيا تستطيع أن تقدم نموذجا للاسلام المعاصر بصورة عملية حديثة.
ويقول غول ان المرء ينبغي أن يحدد مايريده في الحياة، فسكان مدينة قيصري يتمسكون بدينهم ولكنهم مع ذلك قرروا العمل بجد وتحقيق النجاح الاقتصادي، وهذه هي المعادلة الصعبة التي تمكنوا من تحقيقها.
العرض الشجري
