عمالة وافدة.. سوق المملكة معهد تدريب!

يأتون إلى البلاد دون امتلاك أية مهارة ليجدوا بيئة التعلم جاهزة أمامهم..

عمالة وافدة.. سوق المملكة معهد تدريب!


عامل يهم بالركوب إلى إحدى السيارات بحثاً عن عمل ودون امتلاكه للمهارة التي تؤهله لذلك
القطيف، تحقيق- منير النمر
كثيراً ما يستغرب الشخص في حال استقدامه سائقاً ليعمل لديه، أنه لا يتقن بشكل كبير القيادة، الأمر الذي يجعله يذهب به إلى أقرب مدرسة لتعليم قيادة المركبات.
نفس الأمر بالنسبة لجميع التخصصات التي تشغلها العمالة الوافدة، فأغلبهم إن لم يكن جميعهم يأتون إلى المملكة، دون أن يتقنوا ولو (10%) من مهارة العمل الذي جاؤوا من أجله، الأمر الذي يتطلب دراسة الوضع من الجهات المعنية لضمان الاستفادة الفعلية من العمالة، والتي وجدت في سوق المملكة أرضاً خصبة لتعلم المهارات بدلاً من أن تتعلمها في بلادها.
معهد تدريب
في البداية يقول "م.علي الشيخ أحمد" -الخبير الاقتصادي-: إن سوق المملكة يُعد معهداً كبيراً للعمالة الوافدة، لتُصبح فيما بعد من أهم العمالة التي تُطلب عالمياً وتغطي تخصصات مهمة، مبيناً أن المملكة تمر حالياً بطفرة اقتصادية تتطلب وجود الدراسات التي تحد من تدفق العمالة غير المدربة، والتي تعيق التقدم الاقتصادي، مشيراً إلى أن الكثير من العمالة غير المدربة تأتي إلى البلاد على أساس أنها مؤهلة في مجالها.
زيادة المشروعات
ويفضل "م.الشيخ" أن يعطي لمحة اقتصادية عن الوضع الحالي بقوله: إن البلاد تعيش طفرة اقتصادية في كل المجالات، وذلك واضح في زيادة المشروعات، مثل بعض المشروعات التي تنفذها شركتا "سابك" و"أرامكو" وغيرهما"، مضيفاً أن وجود مثل تلك المشروعات يتطلب مضاعفة الجهد التقني، والذي يضاعفه من الناحية العملية العمالة الأكفأ، سواء كانت وطنية أو مقيمة، لافتاً إلى أن دخول المملكة في منظمة التجارة العالمية أعطى إيجابية للسوق المحلي.
أين الدراسات؟
وأوضح "م.الشيخ" أن هناك سلبيات نشأت، خاصةً إذا عرفنا بأن سوق المملكة فُتحت لكافة العمالة في الشركات الأجنبية، مضيفاً: "يفترض أن نرى دراسات من قبل الجامعات والمعاهد المختصة، لدراسة الحالة التي تمر بها المملكة في الوقت الحالي، مما يفضي إلى عد التخصصات العملية المطلوبة لتلبية الاحتياجات الفنية التي تغطيها العمالة حالياً، والتي يتعلم بعضها أثناء العمل، ليشكل خبرته المستقبلية، مما يجعل فترة التدريب التي يفترض أن يكون العامل الأجنبي متجاوزاً لها، تتسبب بالخسائر"، ذاكراً أن الاتجاه للمواطن وتدريبه وفقاً للدراسات التي يفترض أن تكون متوفرة، يجعل الاقتصاد الوطني أكثر صلابة، مشيراً إلى أن بدء برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، سيحد من ظاهرة قدوم العمالة للبلاد بشكل عام، والعمالة غير المدربة التي تتدرب أثناء العمل بشكل خاص.




م.الشيخ: السلبيات كثيرة! { العليو: ننتظر نتائج الابتعاث { العيد: تجارة «الفيز» هي السبب



بدلاً من الأجنبي
وشدد "م.الشيخ" على أن عودة المبتعث المؤهل يفترض أن تنتهي به للعمل محل العامل الأجنبي، وهو ما سيجعل أموالنا داخل البلاد بدلاً من إخراجها على يد العمالة، وبخاصةً إذا عرفنا بأن معدل ما يخرجه العامل في الحد الأدنى يساوي نحو 10 الآف ريال سنوياً، علماً أن عدد العمال يبلغ نحو ستة ملايين إنسان منخرطون فعلياً في سوق العمل.
حتى السائق
وليس بعيداً عن رؤية "م.علي الشيخ" يرى "عبدالرزاق سليمان العليو" -رجل الأعمال والخبير في شؤون العمالة-، بأن العمالة تتعلم حين تقدم للبلاد، مضيفاً أن السائق لا يأتي للبلاد في معظم الأحيان وهو يقود بشكل جيد، بل يتعلم القيادة أثناء ممارسة عمله، مؤكداً على أن هناك تخصصات اقتصادية هامة جداً للشركات التي يعمل فيها العمال الأجانب، يتعلم فيها العمال مهنتهم التي يفترض أنهم مؤهلون فيها، وأنهم لم يصلوا إلى المملكة إلا بعد اختبارهم في بلادهم.





عمال يغسلون السيارات بعد أن وجدوا البيئة المشجعة لفعلهم غير النظامي



نتائج الابتعاث
وعن سبل الخروج من أزمة الخسائر التي تتكبدها شركات القطاع الخاص أو المحال التجارية أو تلك التي تقدم الخدمات، مثل الحلاقين يقول "العليو": إن التحرك الفعلي عن طريق ابتكار طرق جديدة تحد من هذه الظاهرة أمر مطلوب، كما أننا "نتوق" كرجال أعمال نقيم وزناً كبيراً للعامل الوطني أو المقيم، على مشاهدة نتائج برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، إذ ؤنه سيحد من تواجد العمالة غير المدربة، كما سيسمح للمواطن بتدريب نفسه وفق أحدث الإمكانات، مبيناً أن بعض العمالة تصبح ذات قيادة بعد أن تتدرب في السوق المحلي، علماً أنها لم تكن كذلك وقت قدومها للبلاد، مشدداً على أنه من باب أولى أن يتم تدريب المواطن؛ لأن ذلك سينعكس على الاقتصاد الوطني.
حبر على ورق
أما "م.الشيخ" فيرى أن هناك تجارب يمكن الإشارة لها في بلدان متقدمة، قائلاً: لاحظت في زياراتي المتكررة لبلدان عدة، مثل اليابان والصين وبريطانيا ومصر وسوريا، بأن هناك عمالة بنسبة ضئيلة جداً، بيد أننا هنا نمتلك العمالة بشكل كبير، وهذا مؤثر على إيجاد الوظائف، كما أنه يفتح المجال لقدوم عمالة غير مؤهلة، وأن تأهيلها فقط يكون حبراً على ورق"، فيما شدد "العليو" على أن هناك مهناً بسيطة مثل الحلاقين لا يكون عمالها مؤهلين، ذاكراً المثل القائل: "يتعلم في روس القرعان"، لافتاً إلى أنه مثل شعبي يعني بأن الحلاق غير القادر على حلاقة الشعر يتجه للتعلم في رؤوس من ليس فيهم شعر!.





عبدالرزاق العليو




اختبار العامل
ويرى "إدريس العيد" بأن مشكلة العمالة غير المدربة تأتي بسبب تجارة "الفيز"، الأمر الذي يتفق معه فيه "م.علي الشيخ"، إذ يقول: إن مسألة استيراد العمالة الفنية تسبب في مشكلة الفساد في "الفيز"، من خلال أخذ البعض التأشيرات على اعتبار أن لديه مشروعات، وهو ما يسبب قدوم عمالة غير متخصصة، علماً أن التأشيرة منحت لأنها متخصصة في مجال معين، وأوضح "العيد" أن التفكير في الأرباح الناتجة عن بيع "الفيزة"، بدلاً من التفكير في كفاءة العامل الحقيقية، ساهم في وجود ظاهرة العامل غير المؤهل، والذي ينخرط ليتعلم في السوق، وهو ما يجعل الخدمات المقدمة من قبلة ضعيفة جداً، مشيراً إلى أن المطلوب يكمن في إيجاد آلية لاختبار العامل.






م.علي الشيخ



شهادة آلية علمية
وعن آليات الاختبار يقول "م.علي الشيخ": إن من الجميل أن هناك جمعية المهندسين والتي تشكلت العام الماضي، وتشترط بشكل أدبي وليس رسميا، لمن يرغب في منح عمالة شهادة آلية علمية رصينة، شبيهة باختبارات هيئة التخصصات الطبية التي تختبر العمالة الطبية التي ترد إلى المملكة، فيما يشدد "عبدالرزاق العليو" على أهمية أن تعمم التجربة في مجالات اقتصادية مهمة مثل المهندسين، والعمال في المنشآت والمقاولات، مضيفاً أن من الطبيعي أن نتحول إلى قطاع الاحتراف، إذ ليس من المعقول أن يظل العامل الذي يفترض أن يأتي وهو مؤهل ليتعلم على حساب صاحب العمل!.





ادريس العيد