أم الفضل (لُبابة بنت الحارث)1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني وأخواتي في الله الكرام أهلا وسهلاً ومرحبا بكم.

اليوم موعدنا مع شخصية رائعة ولا اعتقد ان هذه الشخصية يختلف علي عظمتها أثنان من المسلمين لهذا تعالوا بنا نبدأ في التعرف علي الظروف التي نشأت فيها أم حبر الامة وإمام التفسير.

كانت الإشاعات قد فاضت بين أهل الكتاب الأولين أن نبيا قد إقترب أوان ظهوره و لهذه الإشاعات ما يبررها ، فأن عهد الناس بالرسالات أن يتتابعوا فلا تطول فترة الانقطاع بين أحدهم والآخر .

ولا يعلم أقدار النفوس الا بارئها ، والذي يريد هدايه العالم أجمع يختار للغاية العظيمة نفساً عظيمة ، وقد كان العرب في جاهليتهم يرمقون محمداً صلي الله عليه وسلم بإجلال ويحترمون في سيرته إشارات الرجولة الكاملة ، إلا انهم لم يتخيلوا قط ان مستقبل الحياة قد ارتبط بمستقبله وان الحكمة ستنفجر من ذلك الفم الطهور فتطوي السهوب والجدوب وتنبث الوهاد والنجاد.

لم يكن محمد عليه الصلاة والسلام إماماَ لقبيل من الناس صلحوا بصلاحة ولما انتهي ذهبوا معه في خبر كان

بل كان قوة من قوي الخير وبعثته صلي الله عليه وسلم تمثل مرحلة من مرحلة التطور في الوجود الانساني

كان البشر قبل البعثة في وصاية رعاتهم أشبه بطفل محجور عليه ثم شب الطفل عن الطوق و رُشِحَ لإحتمال الأعباء وحدة وجاء اليه الخطاب الالهي – عن طريق النبي صلي الله عليه وسلم – يشرح له كيف يعيش في الارض وكيف يعود الي السماء وبالتالي إن بقي محمداً صلي الله عليه وسلم أو ذهب فلن ينقص ذلك من جوهر الرسالة شيئا .... إن رسالة النبي صلي الله عليه وسلم تفتح ألأعين و ألآذان وتجليه البصائر والاذهان وكل ذلك موضح جلي في التراث الضخم من كتاب وسنة.

أنه صلي الله عليه وسلم لم يبُعَثُ ليجمع حول إسمه أُناساً قلوا أو كثروا ، انما بُعِثَ صِلة بين الخلق والحق الذي يصح به وجودهم والنور الذي يبصرون به غايتهم.
َ
فمن عرف في حياته الحق وكان له نور يمشي به في الناس فقد عرف محمد صلي الله عليه وسلم واستظل بلوائه وان لم يراه أو يعيش معه .

يقول ربى و أحق القول قول ربى عز و جل

بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً(174 )فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (175)

صدق الله العظيم

الآيات من سورة النساء


وها نحن اليوم مع صحابية جليلة كان لها فضل السبق الي الاسلام فقد إستجاب قلبها النقي التقي وفطرتها السوية لنداء الحق فسارعت الي الاسلام فلم تتاخر لحظة واحدة

و ما كان لاصحاب الفطر السليمة ان يتأخروا عن خير دعوا اليه

هي أم الفضل لُبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير الهلالية الحرة الجليلة زوجها هو العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلي الله عليه وسلم وهي أم أولاده الستة النجباء.

هي أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها

وهي اخت اسماء بن عميس لأمها [سير اعلام النبلاء للذهبي 2 / 314 ] .

أما عن زوجها فهو سيد بني هاشم الذي كان يمنع الجار ويبذل المال و يعطي في النوائب ويكسو العاري ويطعم الجائع رضون الله عليه .

وأما عن إبنها عبد الله بن عباس فهو حبر الأمة وترجمان القرآن رضي الله عنه .

وقد ولدت غير عبد الله للعباس الفضل [وكانت تكني به] وعُبيد الله وقُثَم و معبداً وعبد الرحمن و أم حبيبة .

وفي أم الفضل يقول عبيد الله بن يزيد الهلالي :
ما ولدت نجيبة من فحل بجبل فعلمه أو سهل
كستة من بطن أم الفضل أكرم بها من كهلة وكهل
عم النبي المصطفي ذي الفضل وخاتم الرسل وخير الرسل



أما عن اخواتها فأشرفهن و أنبلهن ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين زوج رسول الله صلي الله عليه وسلم تزوجها سنة ست من الهجرة وكانت من سادات النساء .

والباقيات من أخواتها لبابة الصغري وعصماء وعزة وهزيلة كلهن بنات الحارث .

واما عن اخواتها غير الشقيقات [لأمها] فهن : أسماء وسلمي وسلامة بنات عميس الخثعميات

فيا له من عز وشرف
وقد قيل ان : زينب بنت خزيمة الهلالية زوج النبي صلي الله عليه وسلم اختهن [تهذيب الكمال للمزى 35/298]
و هى أيضا رضوان الله عليها (لُبابة بنت الحارث) خالة خالد بن الوليد رضي الله عنه والذي قال في حقه رسول الله صلي الله عليه وسلم: خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سلة علي المشركين [اللالباني – صحيح الجامع 3207]

وقال عنه ابو بكر الصديق رضي الله عنه : عَجِزَت النساء أن يلدن مثل خالد .........أى فخر بعد هذا واى كرامة بعد هذا .

وكان يقال لوالدة أم الفضل العجوز الحرشية : أكرم الناس اصهاراً فبناتها ميمونة زوج النبي صلي الله علي وسلم ,ولُبابة شقيقتها تزوجها العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وسلمي تزوجها حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه سيد الشهداء, و أسماء بنت عميس تزوجها جعفر بن ابي طالب ثم تزوجها بعده أبو بكر الصديق ثم تزوجها بعده علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين[الإصابة للحافظ بن حجر8/450]

وتعالوا بنا الي وسام آخر وسام من أرفع ألأوسمة و أطهرها

لقد شهد لها النبي صلي الله عليه وسلم و لأخواتها بالايمان فقال صلي الله عليه وسلم : الأخوات الأربع ميمونة وأم الفضل وسلمي وأسماء بنت عميس – اختهن لامها – مؤمنات [صحيح الجامع للالباني 2763].

يا لها من شهادة عظيمة خرجت من فم الصادق الذي لا ينطق عن الهوي صلي الله عليه وسلم .

أتوقف إلي هذا الحد عن النقل بتصرف من كتاب صحابيات حول رسول الله صلي الله عليه وسلم للشيخ محمد المصري حفظه الله ورعاه .

ولا أري كلاماً يضاف الي كل تلك الاوسمة التي وهبها الله عز وجل علي هذا الجيل الفريد من الصحابة الغر الميامين و يكفيهم فخراً انهم من الذين اختارهم رب العالمين لينالوا شرف صحبة اطهر الخلق رسولنا الاعظم صلي الله عليه وسلم.

والسؤال الذي يظل يلف ويدور في رأسي هو.

رغم ان الصحابة الكرام قدموا للاسلام الكثير والكثير وبذلوا الغالي والنفيس لخدمة هذا الدين ورضي رب العالمين وفتحوا البلاد ودعوا العباد الي رب العالمين ورغم ان الرسول صلي الله عليه وسلم في احاديثه كان يوضح مكانة الصحابة رضوان الله عليهم وكذلك بعض آيات القرآن الكريم التي مدحت موقف اصحاب بيعة الرضوان مثلاً وكذلك سيدنا ابو بكر رضي الله عنه ورغم ...و رغم ... لماذا يصر البعض علي انكار دور الصحابة رضوان الله عليهم في نشر الدين القويم؟

إن المجتمع الاسلامي كان أساس بنائه التآخي بين المسلمين والمحبة بينهم محبة صافية نقيه ظاهرة تخلو تماما من الحقد والغل والحسد والبغضاء محبة يملؤها الايثار والمواقف الدالة علي هذا الحب كثيرة ولا حصر لها.

ولعل احد هذه المواقف هو ان السيدة اسماء بنت عميس رضي الله عنها وقد تزوجها جعفر بن ابي طالب [جعفر الطيار] الشهيد النقي الورع العابد المجاهد الذي له شرف ان يكون من آل البيت الأطهار رضوان الله عليه وبعد استشهاده تزوجها ابو بكر الصديق النقي التقي الورع العابد المجاهد الذي له شرف ان يكون ثاني اثنين اذ هما في الغار وأول من آمن من الرجال و أول خليفة للمسلمين رضي الله عنه وبعد وفاته تزوجها علي بن ابي طالب النقي التقي الذاهد الورع المجاهد حيدرة الشجاع المقدام البطل و أول من آمن من الصبيان والاستشهادي الاول [ في حادثة الهجرة] رضوان الله عليه وكان له شرف ان يكون من آل البيت الأطهار .

وتعالوا بنا الي موقف رائع للأربعة اصحاب هذا الموقف.

فقد روي ابن سعد في الطبقات [8/208] وكذلك قال الحافظ بن حجر رحمه الله : أخرجه ابن السكن بسند صحيح عن الشعبي في كتاب الاصابة [7/491] وسأنقل لكم نصباً رائعا جميلاً يوضح كيف كانت العلاقات بينهم كلها دفء وحنان ومودة ووفاء
"إن أسماء بنت عميس كانت لجعفر بن ابي طالب ثم لأبي بكر من بعده ثم خلفها علي رضي الله عنهم اجمعين فتفاخر مرة ولدها محمد بن جعفر ومحمد بن ابي بكر كل يقول : أنا اكر منك وابي خير من ابيك .. فقال لها علي رضي الله عنه : إقضي بينهما يا اسماء ...فقالت : ما رأيت شاباً من العرب خيراُ من جعفر ولا رأيت كهلاً خيراً من ابي بكر فقال علي : ما تركت لنا شيئاً و لو قُلتِ غير الذي قلتِ لمقتك – فقالت اسماء ان ثلاثاً انت أقلهم لخيار ......انتهي النص .

ويقف الكلام هنا عاجزاً عن الوصف .
انه فضل الله يؤتيه من يشاء .

ان قمة الفضل في الحب ان نتحاب في الله اخواناً وان نحب آل البيت الأطهار ونحب صحابة رسول الله الغر الميامين وان نحب اخواننا وندعوا لهم بالخير وان نعيش فقط من اجل نشر الدين ورفع راية التوحيد بربها عز وجل

أطلت عليكم فاعذروني وسامحوني

وان شاء الله نلتقي علي الرابط التالي وأنتظر نصحكم ورأيكم



http://www.b3b7.com/vb/showthread.php?t=10390



ولنا لقاءات اخري مع ام الفضل رضي الله عنها.

استودعكم الله الذي لا تضيع عنده الودائع

دمتم و أهليكم بكل خير
أخوكم في الله