ثلاث قضايا, من ملفات محكمة الجنايات الأولى بدمشق, جسدت أمامي بالوقائع والتفاصيل أن الدعارة والجريمة صنوان.
فعالم الدعارة لا يزخر-(كما يذهب ظن البعض)- بالمتع والمباهج, بقدر ما ينضح في حقيقته بالجرائم والمفاسد التي تندرج تحت دوافع الفقر والحاجة والقهر الاجتماعي, الذي لا بد أن يغتال بين حادثة وأخرى, أسمى وأنقى, وأطهر ما في وجدان البشرية, ليعم الجدب بدل الحب, وترتد الانسانية إلى البدائية الوحشية, ولا أصدق على ذلك, من تلك القضية.
روضاها بالتعذيب والتجويع
احتال المدعو(س-م) على أهل الضحية(ي-ه) إذ زعم أنه رجل أعمال, وله طفل في سن الحضانة يحتاج لمن ترعاه(إلى جانب أمه) وتعلمه وتربيه, وفعلاً أحضرها إلى منزله مقابل مرتب شهري مغرٍ كانت تحضر والدتها لتقبضه منه أول كل شهر.. وفجأة انتقل المذكور إلى منزل آخر, ولم يعلم أهل الضحية بعنوانه الجديد, حيث أخذ يسهل لها (كما كان يسهل لزوجته وشقيقتها من قبل) العمل في الدعارة السرية,إلى أن طلبت الضحية منه ذات يوم الذهاب إلى منزل أهلها لإحضار بعض الأوراق من أجل الحصول على هوية شخصية إلا أنه خشي وزوجته إن ذهبت ألا تعود, فمنعاها من الذهاب, ولما أصرت أوثقا رباطها في أحد زوايا المنزل, وإنهالا عليها بوابل من الضرب والتعذيب والتجويع لعلهما يثنياها عن عزمها.
ولكنها ازدادت بالضغط والشدة تعنتاً وتمرداً فراحا يجلدانها بكبل حتى أغمي عليها لعدة مرات, كانا يرشقانها خلالها بالماء لتصحو, ومن ثم يستمران بتعذيبها وتجويعها على هذا النحو, حتى امتلأ جسدها بالرضوض, والندبات والكدمات والسحجات,وبعد انقضاء يومين على هذه الحال, فارقت الحياة, فأخذا يفكران بالتخلص من جثتها.
وفي نزهة قاما بها مع ابنهما الصغير إلى حديقة الحيوانات, اهتديا إلى طريقة في التخلص من جثة المغدورة دون إثارة الشبهات, فعمدا إلى استئجار عربة بعجلتين من محل بجانب الحديقة بحجة أنهما يريدان نقل بعض المتاع كما اشتريا, برميلاً بلاستيكاً كبيراً من محل آخر, بحجة أنهما يريدان وضع الزيتون فيه..
ثم نقلا الجثة بواسطة العربة والبرميل إلى أحد الأحياء المتطرفة عن وسط المدينة, حيث تركا البرميل بجانب أحد المدارس, ليعودا أدراجهما إلى منزل آخر كانا قد أستأجراه بعيداً عن مسرح الجريمة..
هذا وباكتشاف الجثة فيما بعد, بالكاد تعرف شقيق الضحية على ملامح أخته التي تطلب وصف وضع الجثة, وآثار ما تعرضت له من شدة وتعذيب (ثلاث صفحات ) من تقرير الطبيب الشرعي الذي عزا سبب الوفاة إلى انثقاب رضي في جدار الأعور, وهو نفس الرض الذي أدى إلى تمزق ونزف القطب السفلي للكلية, وقد أفاد شقيق المغدورة أن أخته كانت تعمل مربية في منزل رجل أعمال وزوجته, وأعرب عن شكوكه بأنهما قد يكونا ضالعين في هذه الجريمة النكراء, لتركهما فجأة المنزل الذي كانا يسكنان فيه, وعدم إعلامهما بعنوانهما الجديد.
يذكر أنه بإلقاء القبض على المذكورين, حاول كل منهما رمي الاتهام على الآخر, ثم توضح بشهادات الشهود ومن بينهم شقيقة المتهمة بالذات, أن الاثنين كانا يعملان في مجال تسهيل وترويج الدعارة, وأن زوج أختها عاشرها لثلاثة أشهر كانت تقيم خلالهم في منزله, معاشرة الأزواج, ثم راح يشغلها إلى جانب شقيقتها بالدعارة, إذ كان يرسلهما إلى الشقق المفروشة لقاء المنفعة المادية, وبناء عليه أدانت هيئة محكمة الجنايات المتهمين بجناية قتل المغدورة قصداً لسبب سافل بالضرب والتعذيب والتجويع, وحكمت عليهما بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة.
وقد علق السيد رئيس المحكمة(القاضي هشام ظاظا) على هذه الجريمة, قائلاً في معرض النقاش والتطبيق القانوني:
-- إن هذا المتهم الماكر في كل شيء بحياته ومعاملاته مع الناس, اعترف صراحة, أنه يحتال على الناس, ويسهل الدعارة لزوجته وشقيقتها التي كان يعاشرها معاشرة الأزواج دون مراعاة لحرمة الدين ووشائج القربى.. , الأمر الذي يتوجب معه مساءلته جزائياً, وتجريمهما بجناية القتل القصد إلى جانب الاحتيال والسفاح وتسهيل الدعارة ودمج العقوبات وتنفيذ الأشد أي السجن مع الأشغال مدى الحياة.
خلاف على الزبون حسمه مسدس وسكين
في ساعة متأخرة من الليل, أشار له شخص معه طفل صغير بالتوقف , فأوقف سيارته بجانبهما, وطلبا منه المساعدة في إسعاف امرأة وولدها,, فتوجه معهما لتقديم يد العون وعندما توقف جانب باب المنزل, خرج له شخصان مسلحان , وتمكنا من سلبه ماله بالعنف... وبدلالة الشاكي لعناصر الشرطة, إلى عنوان المنزل المشبوه, خرجت لهم امرأة نفت اشتراك زوجها وابنها في الاحتيال على الشاكي, أو سلبه ماله بالعنف وتحت تهديد السلاح, وتبين في التحقيق أن المذكورة تعمل في الدعارة السرية, وقد اعترف زوجها, أنه(صاحب عاهة), وقد اتفق مع مروج دعارة على إحضار الزبائن لزوجته, وحين يخلو المنزل من زوجته يؤجره له فيحضر إليه زبائن مع نساء أخريات. وفي تلك الليلة بالذات يقول الزوج إنه اتفق مع المروج على إحضار زبون لزوجته, ثم تركاها برفقة هذا الزبون, وخرجا وتغيبا ساعتين, عادا بعدها وسمعا صوت شجار نشب بين الزوجة والزبون ا لذي طلب منهم استعادة المبلغ الذي دفعه, وعندما رفضوا إعادة المبلغ إليه, تقدم بشكوى ضدهم زاعماً أنهم سلبوه ماله بالاحتيال والعنف وتحت تهديد السلاح.
وبناء عليه, أدانت محكمة الجنايات المتهمين بجناية السلب بالعنف والتهديد, و تسهيل الدعارة وعاقبتهما بأربع سنوات سجن مع الأشغال...
رفضت الإذعان
فورطها بالمخدرات
ورد في إخبار من مجهول بوجود أشخاص يتعاطون المخدرات في شقة مفروشة, وبمداهمة الشقة تبين وجود رجل وثلاث نساء, وصودر من حوزة إحداهن أربع حبات من نوع فاليوم . وبالتحقيق الفوري اعترفت المذكورة أنها مريضة نفسياً, وتتعالج بهذه الحبوب بوصفة طبية, وأضافت: إنها كانت متزوجة سابقاً من المدعو(ش-أ) الذي كان يشغلها بالدعارة السرية, وقد تركته بموجب دعوى تفريق, وأبرزت الوصفات الطبية التي تثبت تعاطيها لحبوب الفاليوم-(علاجياً)- وفقاً لوصفة طبيب... وأكدت: إنها بعد تركها لزوجها السابق, وزواجها من آخر لم تعد تمارس الدعارة, وبناء عليه أعلنت محكمة الجنايات براءة المتهمة من جناية حيازة الحبوب المخدرة بقصد التعاطي, وجرم ممارسة الدعارة السرية نظراً لعدم كفاية الأدلة. .
مراسلتكم من المحكمة ام هزاع
العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم 
العرض الشجري
